حول الاجهاض
نص مقابلة "ثريا شهابي" رئيس تحرير مجلة هاوبشتي –التضامن- مع "منصور حكمت"
ثريا شهابي:
قبل الحديث عن النقاط المتعلقة ببحث الإجهاض مثل الدفاع عن "حق الاختيار"، "حق المرأة بالتصرف بجسدها"، (الدفاع عن حق الحياة) وبالتالي المطالب الموجودة في مجتمع حر وإنساني، أود أولاًَ، التعرف على آرائكم حول إحدى النقاط،
وهي معارضة البرنامج لنفس هذه الممارسة من جانب والمطالبة بجعلها شرعية وقانونية من جانب آخر؛ كيف توضح هذه الأمر؟ يقال مادام البرنامج يعتبر الإجهاض دليلاً على إغتراب الإنسان عن نفسه، فبالنتيجة يجب أن يقف ضد قانونية إسقاط الجنين، ويقال إن موافقة البرنامج مع هذا الأمر هو بمثابة تاكتيك. ماهو رأيكم بهذا الصدد؟
منصور حكمت:
إن اسلوب التعامل هذا في برنامجنا لا هو يقتصر على فقرة الإجهاض ولا في حقيقته اسلوب مقتصر علينا. هناك الكثير من العلاقات والمسائل الاجتماعية والتي نسعى لإلغائها؛ وإننا في نفس الوقت نعترف بها كواقع مادي ومعطى للمجتمع الراهن ونسعى لتقليل آثارها السيئة على حياتنا وحياة الجماهير عموماً. إن اسلوب تعامل البرنامج مع العمل المأجور هو بنفس الشكل. نحن ندعو لإلغاء العمل المأجور، ونعتبر اضطرار الشخص في هذا العالم لبيع قواه الجسدية لشخص آخر من أجل إمرار معيشته عاراً على البشرية. فالعمل المأجور هو مثل الإجهاض دليل إغتراب الإنسان عن نفسه. ولكن قسماً كبيراً من البرنامج يرتبط بوضع القوانين حول شروط وأمور العمل المأجور في هذا المجتمع. بالنسبة لمقولة الدولة ومقولة الدين نفس الشيء ينطبق عليهما. في القسم الثاني من البرنامج نفسه، نحن ندعو الى حرية إستعمال بعض المواد المخدرة، بل حتى تأمينها من قبل الدولة للمدمنين ونعتبر هذا شرطاً لزوال الإدمان، نحن ندعو لإلغاء الحظر على البغاء وندعو لأن يحمي القانون الممارسين لهذه المهنة ونعتبر هذا أحد شروط زوال البغاء. إن الإجابة على مصائب المجتمع الرأسمالي لاتتم من خلال حظرها قانونياً ومعاقبة ضحاياها. هذا ليس حديثنا نحن الشيوعيين فحسب، بل هو حديث كل شخص تقدم متماشياً مع التمدن الأوربي نفسه.
بالضبط نفس الشيء بالنسبة لمسألة الإجهاض. نحن لانعتبر الإجهاض عملاً صحيحاً. نحن نطالب بقيام مجتمع لايحدث فيه هذا الأمر من الأساس. لاأحد يصل فيه بممارسته وعمله الى هذا الحد ولا يبرز مثل هذا الخيار من الأساس. هل هذا مطلب عجيب؟ كلا.ّإنه مطلب الأغلبية العظمى من الجماهير وقبل الجميع هو مطلب كل شخص سواء كان امرأة أو رجل، أحس في حياته المباشرة بالألم والامتعاض تجاه إسقاط الجنين. أنا لا أجد شخصاً أو حركة تقدس عمل الإجهاض كعمل إنساني سام. إن البرودة واللامبالاة العاطفية تجاه الإجهاض هي مسألة موجودة في الآوساط الاصولية من الحركة الفمنستية [١] النسوية. ولكن هذا الأمر على الأكثر هو نتيجة للتربية السياسية العصبويه والتعصب الأيديولوجي والفرقوي لهذه الحركة أكثر من كونه نتيجة للإحساس الواقعي لهم بإعتبارهم بشراً.
ولكن الوقائع الخارجية لاتزول طبقاً لمطالبنا ورغباتنا. هناك حمل غير مرغوب به وهناك تراجع وندم على حمل كان مرغوباً وهناك ضائقات مالية وثقافية وضغوطات سياسية، ويوجد ضغط على النساء بشكل غير محدود. ولاشك إن اسقاط الجنين بالنسبة لأعداد كبيرة يبرز كحل وطريق وحيد للخروج من مأزق. إن الاجهاض هو إحدى وقائع عالم اليوم؛ ولايمكن للمجتمع أن يغض الطرف عنها أو يدفن رأسه كي لايراها. يجب أن تحدد ضوابط هذا العمل الذي هو بأية حال موجود بغض النظر عن ارادة أية دولة أو حزب وحركة سياسية. ان حظر الاجهاض ومعاقبة ضحاياه هو نظام اجتماعي موجود. ولايمكن لهذا أن يكون موقفاً لنا.
إن برنامجنا يعلن أن عمل الاجهاض هو عمل غير صحيح ومناف لمبادئه الانسانية. ولكنه سواء لحماية ضحايا المصاعب الاقتصادية والتخلف الثقافي في المجتمع القائم أو لأجل النضال ضد أسس هذه الممارسة، يعتقد بأن الاجهاض يجب أن يكتسب الصفة القانونية. حقيقة الأمر هي إن أكثر فعالي حركة (مناصري حق الاختيار)[٢] وموظفي وأطباء عيادات الاجهاض ومشرعي الهيئات الحاكمة في أمريكا المناصرين لحق الاختيار، لديهم نفس الموقف، وفي اجابتهم على هذا السؤال يقولون أيضاً:
عمل الاجهاض غير صحيح، ولكن يجب أن يكون قانونياً. اذا كان هناك اختلاف فهو صراحتنا في إعلان لاإنسانية عمل الاجهاض. بالنسبة لإصوليي الحركة الفمنستيه، يبدو هذا النقد ثقيلاً عليهم. من زاوية النظر السياسية، فإن برنامج الحزب الشيوعي العمالي يطالب بجعل الاجهاض قانونياً حتى مدة إثني عشر إسبوعاً من الحمل، وبمجانية، وإناطة هذا العمل فقط بقرار المرأة وإجراءه في عيادات متخصصه.
ان حركة مناصرة حق الاختيار في أمريكا تنظر الى هذه المطالب بإعتبارها الحد الأعلى لتطلعاتها ولاتعتبر تحققها قريباً في أمريكا مسألة عملية. وإذا كان أحد اليساريين السابقين والآن هو جزء من الحركة الفمنستيه في أوساط المهاجرين الايرانيين لديه مشكلة مع هذا المطلب، فاطمأنوا الى أن هذا ليس نابعاً من فمنستيته. اذا وجه شخص ما هذا النقد اليَّ في اجتماع علني فإنني سأطالبه بالاجابة على سؤالين بشكل مختصر وصريح ودون مواربة: الأول هو ماهو رأيه بصدد عمل الاجهاض نفسهِ، وهل يعتبر هذا العمل من الناحية المبدئية عملاً غير ملائم وينطوي على شئ من المرارة أم ليس لديه أي إشكال معنوي ومبدئي ووجداني تجاه عمل الاجهاض وإسقاط الجنين. برأيي، إن شخصاً يأتي في مجمع علني ويصور عمل الاجهاض على أنه أمر بسيط
وغير ذي أهمية، بحيث من العبث ان يتلكأ ويتردد تجاهه الناس، ليصل به الأمر درجة اعتبار هذا العمل دليلاً على ارتقاء مكانة المرأة في المجتمع ومدعاة للتفاخر، فانه سيتلقى جوابه في حينه وفي نفس ذلك المكان. ان هذا النوع من التحلل والسطحية واللامبالاة في التعامل مع مسألة اخلاقية كبيرة يضعها الاجهاض في مواجهة الجميع، سواء المدافعين عن قانونيته أو المعارضين له، سيعلن عن صمته في أي تجمع ومحيط خارج فرقته ببساطة. الثاني، سأطلب منه توضيح رأيه ونقده لفقرة برنامجنا ومن دون ضجيج، تلك الفقرة التي تطالب بجعل الاجهاض قانونياً ومجانياً وعائداً لاختيار وقرار المرأة حتى اثني عشر إسبوعاً من الحمل.
ثريا شهابي:
بالنسبة لمستقبل حق الاجهاض في الاشتراكية، و بشكل عام في مجتمع تسوده المعايير الانسانية، يقال وعلى الرغم من كل التعليم ووسائل المنع وغيرها، ربما أصبحت مراهقة بعمر ١٢-١٣ عاماً حاملاً، فهل ستجبرونها على تربية الطفل في وقت هي نفسها طفلة؟.
منصور حكمت:
ان هذا النوع من الأسئلة هو مثل الاسئلة و الاستبيانات الذرائعية للتقليد الاسلامي، (إذا الأرض زلزلت و...). فالاتيان بمثال فتاة بعمر ١٢ عاماً لتبرير الاجهاض هو استدلال ضعيف، لأن الاجهاض هو ظاهرة أوسع من معضلة حمل البنات بعمر اثني عشر عاماً ولم تتخذ منطقها من هذه الزاوية. ففي انكلترا اليوم، وعلاوة على كل المصائب الاجتماعية وانعدام الحقوق والامكانات بالنسبة للأطفال، وطبقاً لإحصاءات الحملة العامة للإجهاض نفسها التي تعدُّ معارضتها لخفض مدة الاجهاض من ٢٤ إسبوعاً الى ١٨ إسبوعاً مسألة تفتخر بها، فإن من بين مجموع ١٦٠ ألف حالة اجهاض في عام ١٩٩٢ كانت هناك ٣ آلاف حالة فقط بين المراهقات دون سن السادسة عشرة. أي بنسبة أقل من ٢٪. وإستناداً الى نفس هذه الاحصائية، لا أعتقد ان نسبة البنات بعمر ١٢ عاماً ستكون أكثر من ١٪ منها. لايمكن تبرير ١٦٠ ألف حالة اجهاض استناداً الى مشكلة الحمل غير المرغوب به من قبل البنات بعمر ١٢ عاماً. مقابل أي نظام وأي استدلال يمكن ايراد التخبط الاخلاقي والتناقضات المنطقية و (توضيح المسائل)[٣] و توضيح الظروف الشاقة والمأساوية. بالمقابل، أنا أيضاً أستطيع التساؤل اذا كان الاجهاض في مجتمع هدف "الحملة العامة للإجهاض" فيه هو حرية إجراءه حتى قبل يوم واحد من الولادة واذا كانت هناك إمرأة بعمر ٢٨ عاماً وفي الاسبوع ٣١ من الحمل قررت الاجهاض ولم يكن هناك أي طبيب مستعد للقيام بهذا العمل، فماذا سيفعلون عندها، "سيجبرون" الطبيب على القيام بهذا العمل على الرغم من إنه يعتبره عملاً غير انساني و اجرامي؟ ان مسألة الاجهاض
هي مسألة دقيقة وعامة وإجتماعية ويجب أن يُجاب عليها بشكل دقيق. اذا كانت الاجابة عامة وجذرية لحركة صحيحة وانسانية وذات سُبل واضحة، عندها يمكن الاجابة على الحالات الخاصة ضمن هذه الاجابة الانسانية. ولكن اجابة غير انسانية لايمكنها أن تحوز على المشروعية تحت أي نموذج وحجة بصدد هذه الحالة الخاصة أو تلك.
على أية حال، فان اجابتي على مشكلة مراهقة حامل في المجتمع الاشتراكي هي كالآتي: أولاً، نحن لم نتحدث عن منع الاجهاض في الاشتراكية. نحن تحدثنا عن عدم حاجة المجتمع لمثل هذا العمل. بالنتيجة، أنا لاأعتقد انه في المجتمع الاشتراكي (خصوصاً في المجتمع الاشتراكي)، "ستُجبر" فتاة بعمر ١٢ عاماً على الولادة أو على عمل آخر. ثانياً، يجب أن تتجسد الاجابة الواقعية في تحسين وتوسيع أساليب منع الحمل، والتعليم الجنسي، وتوسيع حقوق الاطفال والارتقاء بكرامتهم، والنضال ضد الاخلاقيات المتخلفة والتعصب الجاهل المخالف للثقافة الجنسية العامة والسيطرة الحرة للأفراد على علاقاتهم الجنسية، وغيرها. يجب أن يتم العمل على تمكين ليس المراهقات فحسب، بل أية إمرأة لاتريد أن تكون حاملاً، أن لاتصبح حاملاً. هل هذا الأمر ممكن من الناحية الفنية والعملية؟ برأيي ممكن دون شك. ان الابداع في أساليب منع الحمل وتطويرها في المجتمع المعاصر المعادي للمرأة لايُعطى الاهتمام اللازم. لو يُخصص لهذه المسألة واحد من عشرة آلاف جزء من الميزانية التي تصرف على الابحاث الخاصة بتكنلوجيا الحرب والتجسس، لكانت وجدت الآن السبل لحل هذه المشكلة. لنرجع عوداً على البدء ! هل ازالة واستئصال الجنين من رحم الأم هو عمل غير مقبول أم لا؟ هل هناك صوت انتقادي يصدر من أعماقنا يقول ازاء هذا العمل "ياليتنا لم نُجبر على هذا العمل"، أم لا؟ اذا كانت الاجابة نعم، عندها سيكون السعي من أجل إيجاد مجتمع لايضطر الناس فيه الى الاجهاض، هو الطريق الانساني الوحيد والمشرف والتقدمي. ولكن شخصاً يعتبر الاجهاض عملاً مثل إستئصال اللوزتين وغير مستعد لادراك عمق القضية والمرارة والأزمة الاخلاقية التي تنطوي عليها بالنسبة لأعداد لاتحصى من البشر وأجيال متعددة، فبالتأكيد هو غريب عن مثل هذا السعي.
ثريا شهابي:
أين يقف برنامج الحزب بالنسبة لتواجه القطبين (مناصرة حق الاختيار) وقطب (مناصرة حق الحياة)[٤]، وعموماً ماهو تقييمكم لهذا الاستقطاب؟
منصور حكمت:
هناك تصور شائع لحد ما خصوصاً في أوساط المحافل الفمنستية الجديدة الإيرانية في الخارج؛ و محتوى هذا التصور هو، إعتباره مناصري حق الاختيار مساندين لعمل الاجهاض ومناصري حق الحياة معارضين له. المسألة ليست على هذا النحو. النقاش يدور حول الاجهاض قانونياً أم غير قانوني وليس حول كون هذا العمل سيئاَ أو جيداً. ان مناصري حق الاختيار يساندون جعل الاجهاض قانونياً وشخصياً، في نفس الوقت هناك الكثير منهم يعارضون عمل الاجهاض نفسه. ان موقف الحزب الشيوعي العمالي هو أيضاً الدفاع عن قانونية الاجهاض. من الجانب الاخر، فإن الذي جاء في برنامج الحزب هو الطموح والهدف الأعلى للحركة المناصرة للإختيار في بلد مثل أمريكا حيث والى عشرين سنة أخرى لن يكون لها حظ نيله، ولم يتحقق حتى الآن في الكثيرمن بلدان أوربا. في برنامجنا، الاجهاض حر و قانوني حتى الاسبوع الثاني عشر من الحمل. والقرار بيد المرأة نفسها وليس بيد أي شخص آخر؛ وليس للمرأة حاجة لتبرير طلبها أو احضار وثائق الى أي مرجع طبي أو اداري. والاجهاض مجاني، ويجب أن يتم في عيادات مجهزة. ان تحقيق مثل هذا المطلب لايجد لة مكاناً حتى في مخيلة الحركة الفمنستية الأمريكية. من جانب حقوقي، فان مراقباً خارجياً في أوربا وأمريكا سوف يصنف برنامج الحزب الشيوعي العمالي كوثيقة لجماعة حق الاختيار كونه يطالب بحرية الاجهاض.
وبالتالي فان نفس تسمية (مناصرة الاختيار) و (مناصرة الحياة) هي تسمية مثيرة للغموض ودعائية. في أمريكا، الموطن الرئيسي لهذا الاستقطاب، يتكون الجزء الأكثر ضجيجاَ والمتشدد للحركة المناصرة للحياة من الجماعات اليمينية والمحافظة والدينية التي هي في الواقع لا تقر بأبسط درجات الاحترام للحياة. وهم نفسهم الذين يدعمون عقوبة الاعدام ويدعون لتوسيع نطاقها لتشمل الأحداث. وهم مساندوا السياسات العسكرية الأمريكية بشكل دائم. وهم بالأساس رجعيون، عنصريون يعادون الاجانب والفقراء. وعلى أيديهم سحقت جماهير أمريكا جراء الفقر والمرض وتسحق. وفي الجانب الآخر فإن الرمز والمجرى الأساس لحركة مناصرة الاختيار، هم الحزب الديمقراطي الأمريكي وأمثال كلنتون الذين، وقبل مدة، قاموا بشن حملة وقحة واسعة على الامهات اللواتى ليس لهن ازواج، و حكموا على اربعة ملايين طفل امريكي بالتشرد و سوء التغذية و العيش تحت خط الفقر. إنها لمهزلة أن يسموا الترخيص بالاجهاض، حق الاختيار. ان هذا هو آخر خيار لاي انسان كان. انهم مسبقاً قد سلبوا من المرأة خيار الرفاه، وخيار المساواة الاجتماعية والمهنية للمراة و اختيار العمل و استمرار التحصيل العلمي، و خيار الامان الاقتصادي و الكرامة الاجتماعية، بل حتى العلاقة الجنسية السليمة، فبعد ان يضعون المراة على شفا الهاوية يعطونها الاختيار، لتختار بين ان تسقط من تلك الهاوية أو تقذف بنفسها منها. تلك المرأة التي تختار الاجهاض الى أي مدى يجب ان تكون شاكرة و ممتنة لذلك الاختيار الذي منحها اياه المجتمع! لذلك إذا سألوني فأنني لن أعرف نفسي كواحد من مناصري الاختيار. إن هذه لتسمية منافقة و مخادعة. أنا اعرف نفسي كمدافع عن قانونية الاجهاض حتى الاسبوع الثاني عشر من الحمل و مخالف لعمل الاجهاض.
ثريا شهابي:
يطالب البرنامج بقانونية الاجهاض حتى اثنى عشر اسبوعاً من الحمل. إن هذا الحد ١٢ اسبوعاً، كيفية وعوامل تحديده قد اثارا جدلاً واسعاً. إن البعض يتصور لابد ان المسألة، في رؤية البرنامج، هي ان الجنين فقط في هذا العمر يعتبر انساناً. و لهذا السبب، فأن اسقاطه منذ ذلك العمر فما فوق يعتبر غير قانوني عدا بعض الحالات الاستثنائية التي اشار اليها البرنامج. اريد القول انه بصدد عمر الجنين الذي يمكن فيه اسقاطه، يوجد هناك فهم مختلف. يتصور البعض لان الجنين حتى ذلك العمر ليس متكاملاً بالدرجة الكافية و لايمكنه العيش بشكل منفصل عن جسد إمه لا يعد انساناً.
منصور حكمت:
إن الحديث عن الاثنى عشر اسبوعاً في برنامجنا ليس له أي ارتباط بمرحلة ابتداء الحياة أو امكانية استمرار حياة الجنين خارج رحم امه (الذي هو، بالنسبة للبعض، يعد لحظة استقلال هوية الجنين عن امه). سأتناول هذه النقاط لاحقاً. من الواضح إن شخصاً مثلنا يعتبر عمل الاجهاض بحد ذاته غير انساني و يدافع عن قانونيته بأعتباره اضطراراً اجتماعياً وأهون الشرور، من المؤكد انه يميل الى تقليل مدة الاجهاض المسموح بها الى اقصى ما يمكن. من جانب آخر، يجب أن يكون القانون عملياً بالنسبة للنساء، مُرشِداً وغير شكلياً. يجب ان تتوفر الفرصة، من الناحية الطبية و الجسدية، لتشخيص الحمل واعطاء القرار بصدد الاجهاض ووضع الخطة اللازمة له. هناك حقيقة وهي ان الاجهاض، من الناحية الطبية، اذا أجرى قبل الموعد المحدد، فأنه غير عملي بل حتى خطر. على هذا الاساس، يجب ان تكون المهلة المتاحة لاجراء الاجهاض كافية بالمقياس الضروري و في نفس الوقت محددة قدر الامكان. ان وجه المسألة، بالنسبة لنا، هو تخفيض تلك المدة مع أخذ الظروف و الامكانات الطبية و الاجتماعية بنظر الاعتبار. نحن، وفي تحديد مدة الاجهاض المسموح بها، لم نستند الى معيارنا الذاتي.
بل نحن نظرنا في العالم البرجوازي القائم الى اكثر النماذج انسانية و قرباً واستنتجنا منها هذه المدة. فالمدة المتاحة في البلدان الاسكندنافية هي ١٢ اسبوعاً (وفي اجزاء من اوروبا الشرقية المدة ١٢ اسبوعاً ايضاً. كذلك في المانيا، النمسا، بلجيكا، اليونان، بعض البلدان الاخرى). نحن ايضاً اخذنا هذا كمعيار يبدو انه ليس هناك معارضة تذكر ضد هذه المدة و لصالح رفعها في بلدان اوربا الشمالية. ويظهر إن هذه المدة ستكون ١٢ اسبوعاً، وعندها لن تبقى حاجة لحمل الاثقال من اجل الاسقاط أو للاجهاض السري و نصل الى توازن سياسى بين مطلب حرية الاجهاض من جهة و حماية الجنين بأقصى ما يمكن. لماذا لا تكون المدة أقل، ذلك بسبب اننا لانملك بيانات احصائية و تحليلية عن نتائج تخفيض المدة الى ١١ اسبوعاً ولم نثبت في اية مناقشة و حوار اجتماعي عملية و سلامة مدة أقل. فعلياً، نحن لا نملك وسائل هذا العمل. على هذا الاساس، نأخذ بأقل مدة معطاة في بلد رأسمالي موجود بشكل واقعي. إذا سأل شخص لماذا لا تكون المدة ١٣ إسبوعاً أو اكثر، عندها سيكون جوابي كالاتي: اذا كانت مدة ثلاثة عشر إسبوعاً مناسبة و عملية بالنسبة للمجتمع السويدي فأنها مناسبة ايضاً بالنسبة لبرنامجنا. دعوا اولئك الذين يريدون زيادة المدة ان يوضحوا حججهم و انتقاداتهم لا بوجه برنامجنا بل بوجه النظام المعمول به في البلدان الاسكندنافية، نحن ايضاً سنصغي واذا كان هناك وجه حق في هذا المطلب فأننا حتماً سندركه.
في ما يتعلق ببدء الحياة و لحظة استقلال هوية الجنين عن الام طبعاً، استطيع فقط طرح رأيي الشخصي. ومن الواضح ان برنامج حزب ما ليس ميداناً للتعبير عن وحهات نظر شخصية. من الناحية البايلوجية، فأن لحظة شروع حياة انسان جديد، برأيي، هي لحظة بدء الحمل. أي الوقت الذي يبدأ فيه مسار حياتي جديد و يبدأ انقسام الخلايا فيه. هذه بداية وجود انسان جديد و معين. ان الشهادات العالية ودرجات الدكتوراه في البايلوجيا لا تسعى لان يفهم شخص ما انه، وبعد الحمل، وفي حالة عدم حصول اية مشكلة، فأن المسار سينتهي الى ولادة انسان معين خارج الرحم. ان مضي ايام من حياة هذا الانسان في احشاء امه، وبغض النظر عن النظرة المجردة لتلك الجماعات، لا يغير شيئاً فيما يتعلق بلحظة بداية هذه الحياة. فالتصور القائل إن روح الانسان تنطلق في لحظة وخلال مرحلة خاصة داخل ذلك التجمع الخلوى لهو اكثر إنتقائية و دينية من أن يقبل. ولكن، كما قلت، فأن الحديث عن اثنى عشر اسبوعاً، برأيي، ليس له علاقة بهذا السؤال. فباية مرحلة يتم فيها قطع هذا المسار، يكون قد انقطع مسار نمو انسان جديد. صحيح ان مسألة متى تتكون اعضاء الجنين، يده و رأسه و قلبه (الذي هو قبل اثنى عشر اسبوعاً بكثير) يثقل بصورة طبيعية على ذهن كل انسان. ولنفس السبب، يمد تطور اساليب التصوير العون للجماهير على رؤية نبض كائن انساني و تحس به اكثر و يصبح الاجهاض يوماً بعد آخر موضع نشاز لديها. ولكن هذه العوامل ليس لها دور في بحثنا حول مدة الاثنى عشر
اسبوعا. ان الاجهاض في الاسبوع السادس و الاسبوع التاسع من الجوهر هو أمر واحد. إذ هو قطع لمسار نمو انسان ابتدأت حياته.
هناك موضوع آخر، أي بحث استقلال الجنين عن الام، إذ هو بحث حقوقي تماماً يحمل طابع النظام الحقوقي لعصر الملكية و ذاتية الفرد. من الناحية المادية، ومن ناحية القدرة على البقاء، نحن لسنا مستقلين عن بعضنا حتى خارج الرحم، فعندما يحدث ان يضيع انسان ما وحيداً في الصحاري و الجزر، يسرعون لانقاذه و يعيدونه الى المجتمع الانساني. في الحقيقية ان الحديث عن الاستقلال عن الام هو حديث عن استقلال الهوية الحقوقية للجنين عن الام وليس قدرته على البقاء من دون الام، و الذي يمكن ان يكون متغيراً ارتباطاً بالتكنيك الموجود. جعل المجتمع الرأسمالي من الفرد وحدة اساسية لاجل تعريف الحق. من المفترض ان الجنين، ومنذ اللحظة التي عرف فيها مستقلاً عن الام، فانه سيكون بمثابة انسان آخر له حقوقه الفردية. عندها ستتعارض، في هذا النظام، حقوق الام و الجنين باعتبارهما فردين مستقلين ضمن حيز مكاني و جسمي واحد. على سبيل المثال إذا اعتبر الجنين انساناً آخر، حينئذ سيعد أفنائه قتلاً من الناحية القانونية في هذا المجتمع. وهنا يتوجب على هذه الذهنية أن تبحث وتجد لحظة الإستقلال، إن شخصاً يعتبر نفسه مدافعاً عن حقوق المرأة عليه أن يكون مثل محاميي أمريكا المحتالين في الدعاوى المالية، ليؤخر لحظة استقلال الجنين ويقر بها من لحظة الولادة:الجنين "جزء من جسد الأم"، يمكن للمرأة أن تتخذ أي قرار فيما يتعلق "بجسدها". كان في وقت سابق لا يعد قتل الطفل قبل قطع الحبل السري قتلاً، لأنه لم يكن يعتبر قبل قطع الحبل السري كائناً "مستقلاً". على أية حال، هذه صياغات أحد الأجنحة. والجناح المقابل الذي يدعي كونه محامياً للطفل الذي لم يولد بعد، يجعل من مهمته على عكس الجناح الأول حيث يقدم لحظة الإستقلال ويثبت قدرة الجنين على الخروج من الرحم والوقوف على قدميه. برأيي، يجب عدم قبول الإطار العام لهذا البحث. لماذا لا تستطيع البشرية النظر إلى هذه العملية العظيمة والمدهشة، ولكل ظاهرة الحمل والولادة هذه، بمثابة شكل مجسد لوجود إنسان جديد؛ ولماذا لا تقبل كامل وقائع هذه العملية ككل مركب ومترابط. لماذا يتوجب قبول صيغة التعارض والتضاد بين الأم والجنين، والنزاع على حدود ملكية الطرفين لخلايا الرحم والجنين؟ لماذا يُفرض ويتوجب بناء أدراك الإنسان لظاهرة أساسية، أبدية وأزلية كهذه على أساس مقولات مرحلية وعابرة من مثل الملكية ونظرية الفردية الليبرالية؟.
ثريا شهابي: البعض الأخر - وخصوصاً بعض من الفمنستيين - يتهمون الحزب بأنه ومثلما يعتبر الجنين إنساناً، فبالنتيجة سينتهي مثل الدينيين إلى إعتبار الحيمن - وحديثاَ ليس الحيمن فحسب بل البويضة أيضاً - مقدساً وإعتباره منشأ الحياة ! وهم ينتهون إلى الإستنتاج التالي: وهو إستناداً لنظرة ورؤية البرنامج، فيجب على البرنامج نفسه أن يقف أساساَ ضد أي نوع من أنواع تجنب الحمل.
منصور حكمت:
أن الحيمن، وعذراً على التجاسر، البويضة أيضاَ، ليس لهما قدسية خاصة. إن الحديث واضح جداً وهو يدور حول الكائن الجديد الذي يتكون باتحاد الإثنين ويبدأ نموه، ولكن البحث حول إحترام الحياة الإنسانية هو ليس بحثاً بايلوجياً. بل هو بحث فلسفي. أو من الأفضل أن أقول، ان الإحترام للحياة البايلوجية هو انعكاس للاحترام الفلسفي للحياة. احترام لمحتوى الحياة الإنسانية وطاقاتها الكامنة. هذا الاحترام
هو دليل تعقل البشر وليس الاتكال والخرافة الدينية. إذا تم ابتذال الحياة الإنسانية بأي شكل، فان حياة البشر المشخصين، البشر الموجودين بشكل واقعي، ستبتذل أيضاً. إن الحياة الإنسانية غير قابلة للقسمة وغير قابلة للتراتب، ولاترتبط بالاستقلال والتحرك والسن والشعور واللون والجنس والقومية والزمان والمكان وسلامة واعتلال الناس. ان بحثنا، أوعلى الأقل بحثي أنا بإعتباري كاتب ومعد برنامج الحزب، لايدور حول وجوب اعتبار البويضة الملقحة والتي خلاياها في حالة انقسام "مقدسة". إن بحثي ينتهي الى أن المجتمع الذي يتحمل إستئصال الجنين من بطن امه ويتحمل إيقاف مسار حياة قد إبتدأ ويعده أمراً مسموحاً ودون موانع وبمثابة سبيل للحد من توسع السكان، وشرطاً لإستمرار المرأة بالتحصيل العلمي، وشرطاً لإجتناب الفقر وغيره، هو مجتمع لايقيم وزناً للإناس غير المجهضين الأحياء الآن ولايقر بقيمتهم. ان انعدام قيمة الجنين هو انعكاس لانعدام قيمتنا نحن ويشدد من انعدام القيمة هذا. سيأتي يوم تنظر فيه الأجيال التي تأتي بعدنا الى حضارتنا وستتحير من عرف الإجهاض. مثلما نحن نتحير من التضحية بالشباب على مذابح معابد الآلهة المختلفة ومن إحراق "الساحرات" الذي كان يعتبر في حينه ضرورياً بنفس المقياس للإجابة على القحط والجفاف والأزمات والضائقات الاقتصادية والمعنوية في المجتمع. هم أيضاً سيعتبرون هذا العرف دليلاً على وحشيتنا والاستخفاف بقيمة الانسان في زماننا. في الاجابة على النقطة الأخيرة، إسمحوا لي أن أسأل أي الأشخاص يهمه أكثر تطور وتوسيع أساليب منع الحمل، الذي يريد تجنب الاجهاض بإعتباره عملاً مكروهاً وغير مرغوب فيه، أم الذي ينظر الى الإجهاض كسبيل حل مقبول ولاعيب فيه ولأجل منع الولادة وللسيطرة على أعداد السكان؟
ثريا شهابي: في التحولات السياسية لإيران الغد وعندما تصبح مطالب برنامج الحزب الشيوعي العمالي الإيراني قانوناً ويصبح الإجهاض قانونياً، فالاحتمال الأرجح هو ارتفاع نسب الاجهاض بشكل فوري. سيكون اقرار قانون حرية الاجهاض خطوة فورية وتكون الدولة مكلفة باجراءه ورعايته، في الوقت الذي يحتاج فيه التعليم الواسع لأساليب منع الحمل، والتعليم الجنسي وتوسيع امكانات العلاقة الجنسية السليمة الى وقت وتستغرق عملية أطول. ألا يتناقض هذا الارتفاع الفوري في نسب الاجهاض مع هدف البرنامج الذي هو خفض حالات الاجهاض وهل إن المعارضين للإجهاض محقون لهذا السبب في إنتقادهم للتنفيذ الفوري لهذه الفقرة من البرنامج؟
منصور حكمت:
أولاً: ليس مؤكداً وثابتاً إن نسب الأجنة المجهضة سترتفع حتى ولو خلال مدة قصيرة. برأيي إنها لن ترتفع، لأنه لاتوجد الاحصاءات التي يجب أن تقارن مع بعضها، نسب الاجهاض قبل وبعد إعتباره قانونياً، بل يجب أخذ مجموع عمليات الاجهاض (سواء الرسمية والسرية) و"الأطفال المسقطين" من قبل الأمهات الحوامل أنفسهن في المرحلتين وتقارن مع بعضها. إن حالات إسقاط الأجنة من قبل الأمهات عن طريق حمل الأثقال والقفز من مكان عالِ وغيره هي حالات مرتفعة جداً في إيران لدرجة أن هذا العمل هو جزء من فلكور هذا البلد. وحالات (الإجهاض) هذه لم تثبت وتسجل في أي مكان. سيزيد جعل الاجهاض قانونياً من نسب المراجعات للإطباء والعيادات من أجل الاجهاض، ولكنه في المقابل سيخفض من نسبة إسقاط الأجنة السري. من جانب آخر، فان خفض حالات إسقاط الجنين أو الاسقاط السري لصالح الاجهاض القانوني سيساعد أولئك النساء على الاتصال بالمؤسسات والجهات التي، وطبقاً لبرنامجنا، سيكون الهدف منها هو المساعدة والحماية المادية والمعنوية للنساء وإحدى مهمات هذه المؤسسات هي السعي لحث الأمهات على رعاية حملها ووضع الطفل وتوضيح حقوق الأم والطفل ووظائف الدولة والمجتمع تجاههما. من المتوقع أن نسبة من النساء اللواتي سيراجعن العيادات سيكن مستعدات لصرف النظر عن الاجهاض والعدول عنه. الخلاصة أنا لاأعتبر تخمينك محتملاً حول نتيجة جعل الاجهاض قانونياً.
ثانياَ، ومثلما ذكرتِ ان برنامجنا لايشتمل على قانونية الاجهاض فقط، بل هو يحتوي جملة من الخطوات الفورية والحياتية من أجل سلامة العلاقات الجنسية وتوسيع ونشر إستخدام وسائل منع الحمل. أنا أقر بأن تحويل العلاقة الجنسية الحرة والسليمة الى جزء ثابت ومسلم به في وعي وثقافة المجتمع، يحتاج الى وقت حتماً. ولكن مضاعفة الاستفادة من وسائل منع الحمل، أي الاستفادة الأوسع من الكاندوم والـ (I.U.D) لن تحتاج الى وقت طويل، عندما يكون تأمينها المجاني جزءاً من سياسة الدولة. وهكذا، يمكن خفض نسبة الحمل غير المرغوب به بسرعة. عندما يأتي الحديث على تثبيت الأساليب والمعايير والقيم المعاصرة والحديثة في إيران، فإن الكثير يصور جماهير إيران كسكان قرى منقطعة ويتألم لأن الجماهير "ليست لديها ثقافة". ولكن مجتمع إيران، في الأعم، هو مجتمع مديني. وإن الغالبية العظمى من هذه الجماهير هم من الشباب الذين يتلقون التعليم في المدارس. وحتى اذا كانوا من سكان القرى البعيدة، فان أذهانهم وأحاسيسهم تتجه نحو المدينة وأنماط الحياة المعاصرة، جماهير إيران ليست (قوم) جريدة توفيق أو (أمة) اتباع خميني. هم أعضاء مجتمع رأسمالي في نهاية القرن العشرين وفي مجرى التحولات التقنية والاتصالاتية لهذا العصر. ستتقدم حملة التعليم الجنسي ونشر امكانات ووسائل المنع في إيران برأيي وبمردود ذي مستوى عالِ. هناك حقيقة يجب أن تؤخذ بنظر الاعتبار قطعاً وهي أن هذا الأمر لن يكون عملياً من دون النضال الحازم ضد الإسلاميين والمتعصبين. إن تياراً يمكنه أن يأخذ بهذا البرنامج يجب أن يتعهد من الناحية السياسية بشن نضال حازم ضد التعصب الديني والمنافق. وهذه هي مهمة الطبقة العاملة والشيوعيين قبل الجميع.
على أية حال، ان خفض حالات الاجهاض يرتبط بعاملين أساسيين: الأول، إشاعة العلاقات الجنسية السليمة وحصول الجميع على الوسائل المجانية والمناسبة لمنع الحمل. والثاني، النضال ضد القيم البطريركية والمعادية للمرأة ليس في ميدان الأفكار فحسب، بل في العلاقات الاجتماعية والاقتصادية، بشكل بحيث لاتؤثر أمور مثل الحمل والولادة والأمومة أقل تأثير سلبي على المكانة الاقتصادية والاجتماعية والمهنية والمعنوية للمرأة في المجتمع والعائلة وإن يصبح وجود طفل في العائلة اختياراً حراً وواعياً للناس وحدثاً ساراً في حياتهم. إن السعي لجعل الاجهاض قانونياً هو أحد أركان سياسة شاملة لتحقيق هذا الهدف؛ ويجب أن ينظر اليه ضمن هذا الكل وليس بإعتباره خطوة منفردة وقائمة بذاتها.
ثريا شهابي: عدّ برنامجُ الحزب الاجهاض "افناءاً متعمداً للجنين الانساني " وأنت أيضاً أشرت في أحاديثك الى الى أن الاجهاض في أي عمر كان هو " قطع لمسار نمو إنسان إبتدأ عمره". هناك أشخاص يستنتجون من هذا التحديد أن اجراء الاجهاض هو جريمة بنظر برنامج الحزب؛ وإن الأم التي تقرر القيام بهكذا عمل تتخذ موقع المجرم الذي إرتكب قتلاً عمداً، وان هذا ليس منصفاً.
منصور حكمت:
هناك بون شاسع بين مقوله الاجهاض قطع لمسار نمو انسان إبتدأ حياته وبين هذا الادعاء القائل إن الأم ترتكب قتلاً عمداً وجريمة بقيامها بعمل الاجهاض، إن خلط هذين الشيئين مع بعضهما لاهو دليل السعي المخلص لفهم القضية ولا هو تحريض مؤثر ضد صيغة برنامجنا. إنها سفسطة فحسب. برأيي إذا كان هناك شخص يعتبر الاجهاض، من الناحية المبدئية، عملاً لاعيب فيه وصحيحاً فيجب عليه أن يقول هذا صراحة ويدافع عنه. لاتتم الاجابة على المسألة من خلال إتهام النفس بأقوال الآخرين ثم الانتفاخ تباهياً. ان نتيجة هذا النوع من الاعتراض تصل الى شئ واحد: معنى هذا الاعتراض هو إذا ثبت للمنتقد المذكور أن الطفل هو امتداد طبيعي للجنين والجنين هو المقدمة الضرورية لإنسان معين، حينئذ سيعد الاجهاض قتلاً وجريمة. ولايمكن أن يكون هذا موقفاً قوياً لشخص يدافع عن الاجهاض.
كيفما كان، فليس من الصحيح اطلاق صفة الجريمة أو القتل على الاجهاض (ضمن الحد الزماني الذي توجد فيه القوانين الحالية في أوربا). ذلك أن الجريمة والقتل هما مقولتان حقوقيتان ولهما تعريف اجتماعي وليس شخصي. كل شخص يجب أن يُحكَمْ عليه في اطار أعراف وتقاليد مجتمعه المعاصر. ان المجتمع لايطلق صفة القتل على كل أشكال افناء الانسان في عصرنا. الحقيقة هي ان الناس يقومون، وبأشكال متنوعة جداً، بحرمان بعضهم الآخر من حق الحياة في هذا العالم. فالجندي الذي يقتل انساناً في الحرب، وعضو هيئة قضائية يحكم بإعدام شخص ما، الدكتور الذي وبدافع الرحمة يعجل بموت مريض محتضر، الدولة التي تخفض الضمانات الصحية وتعلم بدقة كم سترتفع معدلات الوفيات، الشخص الذي يقلل شروط السلامة في محطة نووية مع علمه بإرتفاع معدلات سرطان الدم بين اطفال المنطقة، رئيس الجمهورية الذي يصدر أمراً بقصف منطقة ما، الفدائي أو الارهابي الذي يضع عبوة ناسفة كل هؤلاء يساهمون بشكل واع في سلب حياة اناس واقعيين. ولكن المجتمع لايعد كل هذه الأعمال قتلاً ولا القائمين بها قاتلين بالضرورة. يمكن أن يختلف فهمنا وتصورنا الشخصي عن فهم وتصور المجتمع. يمكن أن يقوم تصورنا على أساس مبدئي آنساني مطلق وغير قابل للتبرير والعدول عنه. ولكن تصور المجتمع حول تحديد أي الأعمال هو جريمة، فهو تصور نسبي ومشروط من الناحية التأريخية ومتغير. كان في زمن من الأزمان لايعد فيه قتل الأبن والزوجة من قبل الزوج جريمة. فطبقاً للديانتين الاسلامية واليهودية، كان من المقرر أن يقوم ابراهيم الخليل في وضح النهار، وخلال ممارسة تعبدية شنيعة، بذبح إبنه. ولكن، لحسن الحظ، كما يقول سياوش مدرسي، قد تبين في آخر لحظة إن الربّ كان يمزح وقصده هو اختبارهما. في نفس عالمنا، وفي ماضِ ليس بالبعيد، لم يكن قتل أسرى الحرب والعبيد جرماً. والى السبعينات من قرننا هذا لم يكن شنق السود من قبل العنصريين البيض في أمريكا ليعد قتلاً. وان شخصاً لم يعتبر ترومان قاتلاً بسبب إبادة هيروشيما وناكازاكي. وهناك مكتبة تحمل إسم هذا الشخص في أمريكا. فالتصور الأخلاقي والحقوقي للمجتمع حول عمل من الأعمال هو انعكاس لرد الفعل المعنوي والعاطفي للمجتمع تجاه ذلك العمل في ذلك العصر الخاص. وان رد الفعل هذا حتى أنه يختلف في نفس المرحلة من محيط ثقافي الى محيط آخر. رد الفعل والإستجابة الأخلاقية والعاطفية هذه، ودون شك نتائجها الحقوقية أيضاً، هي ليست أبدية وعرضة للتغيير. فالكثير من أعمالنا وأساليبنا الراهنة سوف تنبذها الأجيال اللاحقة. ولكن هذا التحول في المعرفة والفهم العاطفي للمجتمع إزاء القضايا يجب أن يتم بشكل واقعي وخلال أجيال من البشر الواقعيين. أنا أخالف بشدة عقوبة الإعدام، وهي برأيي، من حيث الجوهر، قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد. ولكنني لاأستطيع، وإستناداً الى ميولي الشخصية، إعتبار الهيئة القضائية التي تنطق بحكم الإعدام على متهم مجرمة ومرتكبة للقتل ذلك أن المجتمع، ودون شك نفس الهيئة القضائية، لايحملون نفس التعريف عن عملهم ذاك. وان المرأة التي تقدم على الاجهاض من المؤكد هي لاتعتبر الجنين انساناً أو انساناً كاملاً؛ ولاتستمد تصوراً سلبياً عن الاجهاض من الثقافة والقوانين السارية في المجتمع.
على أية حال، وكما قلت نحن لاندعو الاجهاض قتلاً أو جريمة، ونطالب بجعله قانونياً بحدود أوسع مما هي موجودة في قوانين أمريكا وأوربا الغربية. ولكن الحقيقة هي أن الجنين مرحلة من حياة انسان معين وضع خطوته على أبواب الحياة. اذا كانت هذه الحقيقة مدعاة لعذاب ضمير شخص ما بسبب الاجهاض، فهي ليست خطيئتنا. ان ينتظر منا ولأجل تطمين نفوس الذين لديهم نية القيام بالاجهاض، أن نمحو تلك الحقيقة من أذهاننا ونتخيل أن "اللقلق" ينجب طفلاً، لهو تطرف ومبالغة بعض الشئ.
ثريا شهابي:
في بعض البلدان، انكلترا على سبيل المثال، وضع اصدار قرار الاجهاض بيدالطبيب ليصدره على أساس تشخيص السلامة الجسمية والنفسية للأم؛ وقد أصبح هذا الأمر موضع احتجاج الكثير من الأطباء. وفي برنامج الحزب الشيوعي العمالي، وضع قرار الاجهاض بيد الأم، وهنا "قرار الطبيب" أم "خيار الأم"؟ أين يتخذ هذا التعارض مكانه في بحث برنامج الحزب. قصدي هو في الأبحاث المتعلقة بالاجهاض، هل هناك مكان في البرنامج لإعطاء قرار الاجهاض بيد الطبيب واذا لم يكن له مكان، لماذا؟.
منصور حكمت:
مقولة قرار الطبيب، هي في حالة الاجهاض بعد الإسبوع الثاني عشر،
في البداية لم يكن هذا الأمر مطروحاً أثناء كتابة نص البرنامج، لأن وجه المسألة هو يعود لخيار وقرار المرأة، كما هو موجود بشكل واقعي في جميع البلدان. ان الحركة الساعية لجعل الاجهاض قانونياً هي حركة من أجل إعطاء هذا الحق وهذا الخيار بيد المرأة. وان بحث تشخيص الطبيب حول المخاطر الجسدية والنفسية للحمل على المرأة، هو اسلوب اتخذ في بعض البلدان التي سعوا فيها لجعل الاجهاض قانونياً من الناحية العملية من دون المصادقة على اجازة هذا العمل رسمياً. وفيما يتعلق بعبارة "مخاطر الصدمة النفسية" فإنها وردت بقصد ابقائها موضع تأويل ومن الناحية العملية تمنح الطبيب صلاحية الإمضاء على مطلب المرأة بالاجهاض. هذا هو النظام الساري في انكلترا اليوم. فالاجهاض ممكن، من الناحية العملية، في انكلترا ويتم بناءاً على طلب المرأة. ولكن، من الناحية الحقوقية، يقوم الطبيب بإقراره. وفي حالة عدم تأييد طبيب ما لطلب إمرأة بالاجهاض، والذي يحدث أحياناً بالتأكيد، فإن المرأة ستراجع طبيباً آخر وتحصل على تأييده. إن هذا الاسلوب المنافق أدى الان إلى رفع أصوات احتجاج كل من الجماهير والأطباء أيضاً. فاذا كان الطبيب شخصاً معارضاً للإجهاض، فإنه سيحمل المرأة مصاعب عديدة ومن المحتمل أن يماطل ويؤخر أجراء الاجهاض. بعبارة أخرى، فان مواطني انكلترا يتمتعون بحقوقِ وامكانات متفاوتة من الاجهاض ارتباطاً بالمعايير الأخلاقية لأطباء المناطق المختلفة. من جانب آخر، يحتج الأطباء عن وجه حق، حيث تحول عملهم من التشخيص الطبي الى توجيه اجتماعي للنساء الذي من المفترض أن يكون وظيفة القانون. وقد فرض هذا الأمر مكانة غير اخلاقية ومنافقة على الأطباء سواء المؤيدين للإجهاض منهم أو المعارضين لهُ. فهم يقولون اذا كان الاجهاض عملا مسموحاً به قانونياً، فيجب ان يكون البت به بيد المرأة نفسها. وهذا هو موقفنا ايضاً.
ثريا شهابي:
قلت فيما سبق ان اطلاق "حق الاختيار" على حق الاجهاض هو شئ اشبه باعطاء حق الاختيار بين من السقوط من مكان مرتفع أو القذف بالنفس من ذلك المكان. إن البعض من الفمنستيين والمدافعين عن حقوق النساء يعتقدون بأن حق الاجهاض أحد أهم الحقوق التي أعطت إمكانية الإختيار للمرأة. اختيار أن تكون أماً أو لاتكون، وإختيار وقت الأمومة.
منصور حكمت:
أنا لديّ إشكال مع تصور القسم الأعظم من الحركة الفمنستية حول الهوية الإجتماعية للمرأة ووعي المرأة لذاتها، إن هؤلاء يصورون المرأة كمجموعة صنفية أو كأقلية قومية عليها أن تأخذ حقوقها الصنفية وتمارس عملها ولاشأن لها بالعالم والنشاط الهادف للسيطرة على مصير العالم والمجتمع الانساني. برأيي، إن المرأة، في بحث الاجهاض، ليست أقلية متظلمة ومحرومة عليها أن تأخذ أجرتها على شكل منحة إجهاض وتنصرف دون أن يكون لها شأن بالمسائل الاجتماعية، المعنوية، الفلسفية والتأريخية لهذه المعضلة. في بحث هؤلاء حول الإجهاض، تظهر المرأة دائماً بصورة الحامل زبونة العيادة فقط، ليست قائدة في المجتمع، ليست فيلسوفة ومفكرة والتي بالنهاية يجب أن تكون لها وجهة نظرها بصدد الحياة والهوية الانسانية للجنين وكرامة الانسان وغيرها، لاتظهر المرأة عندهم كإنسانة يمكنها بغض النظر عن جنسها أن تبدي رأيها بهذه المسائل ويكون لها شأن بها وتسعى لدفع العالم نحو وجهة معينة. إن المرأة، في المدرسة الفكرية لهم، هي حامل لاتريد أن تكون حاملاً وليس لها علاقة بهذه المسائل بعد ذلك. إن النزعة الفمنستية هذه هي الوجه الآخر للبطريركية حيث تبعد المرأة أيضاً عن التدخل في هذه الميادين.
للإجابة على سؤالك، أقول بالنسبة لإمرأة ليست جزءاً من أقلية حوامل في المجتمع، بل انسان متوجهة نحو قضايا المجتمع وحياة وكرامة الانسان والمساواة الاجتماعية، فإن حق الإجهاض ليس بالحق الكبير. حرية الإجهاض هي مثل قرص عقار السيانور السام الذي كان يحمله الفدائيون معهم أيام حكم الشاه. يوفر الخروج والخلاص المؤذي والمر من واقع أكثر أذى ومرارة. ان حق الإجهاض هو نوع من حق الانتحار. ان حرية الإجهاض هي حرية افناء جنينك من أجل تجنب النتائج المرة الوخيمة لوجود الطفل في المجتمع القائم، ان حرية الإجهاض أصبحت ضرورة ذلك ان العديد من الحريات الانسانية قد سلبت من المرأة مسبقاً. حق التمتع بالتعليم الجنسي، حرية الاستفادة من وسائل منع الحمل السليمة والمضمونة مئة بالمئة. حرية التحرر من الاخلاقيات الدينية والبطريركية في العلاقات الجنسية. حرية العلاقات الجنسية المتفتحة والحرة التي تكون للمرأة فيها حرية تامة في القرار بصدد سلوكها الجنسي. حرية المرأة في وجود طفل لديها مع احتفاظها بمكانتها الاقتصادية والمهنية، حرية وجود طفل لدى المرأة دون اجبارها على الزواج والحياة المشتركة مع الرجل تحت الضغوط الاقتصادية والاخلاقية والثقافية، حرية التمتع بالامكانات المجانية والمناسبة لرعاية الطفل. حرية وجود طفل مع وجود وبقاء الحياة الاجتماعية. حق الحماية من الاغتصاب الجنسي سواء داخل العائلة أو خارجها. حرية اختيار الأمومة من دون تضحية المرأة بحياتها ورفاهها وسعادتها باعتبارها إمرأة وإنسان. حرية المرأة بالأمومة وبتأمين رفاه وصحة وتعليم وترفيه طفلها.
في ظل غياب هذه الحقوق، تجد المرأة نفسها في موقع مجبرة معه على "اختيار" الإجهاض. هناك نقطة يجب أن تتضح أيضاً. ان نفس حمل المرأة بخلاف رغبتها، يعني إنها لم تستطع ممارسة إرادتها في أن تكون أماً أو لاتكون وفي اختيار وقت امومتها خلال نفس العملية التي تصبح فيها الانسانة حاملاً، أي العلاقة الجنسية. اذا كان من المقرر أن يكون للمرأة سيطرة وخيار في مسألة أن تصبح أماً أولا وفي اختيار امومتها فيجب أن يكون ذاك الخيار وتلك السيطرة أثناء العلاقة الجنسية. وهذا يعني وجود التعليم الجنسي، الحصول على وسائل منع الحمل السليمة والدخول في علاقة جنسية متكافئة وحرة واختيارية من دون أي نوع من أنواع الضغط والإكراه سواء المباشر أو غير المباشر، إن افناء الجنين هو حتماً محاولة من المرأة لتجنب الامومة، ولكن المرأة "تختار" عدم الامومة عندما تكون مسبقاً قد فقدت الممارسة الحرة لانوثتها.
ثريا شهابي:
ان البعض يعتقد بأن أية صيغة تقيم حق الإجهاض "سلبياً" وليس "ايجابياً"، انما تحدد هذا الحق وعملياً تؤدي بالنساء للإبقاء على الجنين تحت أية شروط. ويقولون، هذه الفقرة تخلق جواَ اخلاقياً ضد هذا العمل والذي هو ليس في صالح النساء ويطلق يد الكنيسة والدين في تحديد حق اختيار المرأة.
منصور حكمت:
ان هذا النموذج هو أيضاً نفس جعل المرأة صنفاً وأقلية خاضعة للحماية وقاصرة الأمر الذي طرقته فيما سبق، انهم يريدون ابعاد المرأة حتى من دائرة البحث المتعلق بالماهية الانسانية والفلسفية للإجهاض، لاتنطق ولاتسمع. يريدون ابعاد "صنف النساء" حتى من فهم الحقيقة. وهنا، وفي نفس العالم المقسم لصنف النساء، ليس معلوماً أيضاً لمَ ولأجل تطمين بال واراحة ضمير النساء اللواتي يقمن بالاجهاض، يجب أن يصمتن النساء اللواتي يعتقدن بأن الإجهاض هو عمل مثير للألم ويجب أن يتخلص منه المجتمع في يوم من الأيام وبفرض عليهن الصمت واللامبالاة تجاه واحدة من أهم المعضلات الفكرية لتأريخ البشرية. اذا كان الإجهاض حقاً، فان البحث عن الحقيقة والافصاح عنها هو حق آخر، والنساء صاحبات مصلحة في كلا الحقين. حتى لوكان بعض الفمنستيين غير أصحاب مصلحة فيهما.
بصدد مسألة الكنيسة، نسمع كثيراً ان ابداء تقييم البرنامج السلبي تجاه عمل الإجهاض، وعلى الرغم من مطلب جعله قانونياً، يؤدى الى صب المياه في طاحونة الكنيسة واليمين الديني. هذه حجة ضعيفة جداً وهنا يمكن رؤية مثال عكس هذا حول الأفلام الجنسية. فالنزعة الفمنستية والكنيسة لديهما مواقف متطابقة تجاه الأفلام الجنسية وحتى انهم يظهرون الى جانب بعضهما في التظاهرات. فهل يمكن القول ان احتجاج الفمنستيين على الأفلام الجنسية يطلق يد الكنيسة في تشديد ضغطها التأريخي على النساء ومواجهة حرية المرأة وإبراز وجودها الجنسي؟ وهل ان التقارب بين النزعة الفمنستية والكنيسة هو سبب كاف لصمت النزعة الفمنستية ازاء مسألة الأفلام الجنسية؟
ان التقييم السلبي عن عمل الإجهاض هو ليس حديثنا نحن فحسب، بل هو حديث الأغلبية العظمى من الجماهير. حديث الأغلبية العظمى من نفس الأشخاص الذين يلجأون الى "خيار" الإجهاض ويسعون لجعله قانونياً. ومهما كان التصور المشخص للجماهير حول الهوية الانسانية للجنين، فان غالبيتها العظمى تشعر ان هذا العمل مثير لمشاعر الألم وغير مرغوب به وفي كل الأحوال لهُ علاقة بايقاف حياة انسان. انها الكنيسة التي تتعلق بأذيال العاطفة والمشاعر الانسانية النبيلة وتسعى من خلال هذا للحفاظ على سوقها رائجة. فانعدام العاطفة والسطحية البايلوجية والصنفية الفمنستية هي التي فسحت المجال للنفاق ورفع راية احترام الحياة من قبل الدين الذي هو أحد أشد مؤسسات التأريخ البشري إخافة وعداءاً للإنسانية.
تمت الترجمة عن المجلد الثامن لآثار منصور حكمت الصادر في تشرين الثاني ١٩٩٧. نُشِرَ لاول مرة باللغة الفارسية في مجلة هاوبشتي-التضامن- التي يصدرها الاتحاد العام لمجلس اللاجئين الايرانيين، في العددين ٧٣ و ٧٤ الصادرين في اب وايلول من عام ١٩٩٧.
[١] الحركة الفمنستية: اتجاه برجوازي داخل الحركة النسوية العالمية ذا فروع في غاية التنوع والاختلاف، يقفز على الاسباب الحقيقية لتدني مكانة المراة في المجتمع الراسمالي ويضع المراة، كصنف، في مواجهة الرجل بدلاً من النقد الحازم للمجتمع الراسمالي سبب كل اشكال التمييز والاضطهاد.
[٢] (pro choice): جماعات تؤيد جعل الاجهاض قانونياً في اوربا وامريكا.
[٣] توضيح المسائل: عنوان كتاب فقهي للخميني مليء بالتشريعات والاحكام البالية والبعيدة كل البعد عن حياة الناس ومكتسباتها.
[٤] (pro life): جماعات تناهض قانونية الاجهاض وتسعى لوضع العراقيل امامه.
ترجمة: عمار شريف
hekmat.public-archive.net #1045ar.html
|