مسيرة عشرين عامايها الرفاق! تمرهذه الايام الذكرى السنوية العشرون لتاسيس اتحاد المناضلين الشيوعيين. وهذا الموضوع له صلة ببحث اليوم، لانني اريدعلى الاقل في ذهني كشخص اشتراكي طوال عشرين عاما منذ تاسيس اتحاد المناضلين الشيوعيين وحتى الان، بيان هذه المسيرة كي اجعل بحثي اكثر وضوحا وقابلية للفهم. ولكن اسمحوا لي في البدء تهنئة الرفيق حميد تقوايي بمناسبة الذكرى السنوية العشرين لتأسيس اتحاد المناضلين الشيوعيين. فقد كنا الشخصين اللذين شرعا بايجاد اتحاد المناضلين الشيوعيين. ولكن كان واضحا جدا بالنسبة لي لو لم اكن موجودا لكان حميد قام بنفس العمل، ولكن لولم يكن هو موجودا لما قمت شخصيا بهذا العمل. انني اريد القول والتاكيد على ان تقديري للرفيق حميد تقوايي يتجاوزكل الحدود. (موجة من تصفيق الحاضرين) طي العشرين السنة هذه قطعنا بتصوري مسيرة يمكن توضيح خصائصها ومنعطفاتها في الجوانب السياسية، النظرية والمنهجية. هذه المسيرة يجب باعتقادي تعقبها بوعي والوقوف عندها، وارى وجوب كشف المراحل التي تلتها باستمرار لان الوقوف عند نقطة معينة في ظل تغيير الظروف الموضوعية ومتطلبات تنامي حركتنا سيكون مبعث تراجعنا وانعزالنا. ان اية حركة سياسية عليها ان تتقدم على تاريخها وتاريخ عصرها، وعليها ان تختط مسارا خاصا بها. بتصوري نحن الان على اعتاب مرحلة جديدة لهذه المسيرة. وفي هذه المرحلة الجديدة تطرح امامنا توقعات وخطط عمل جديدة. ان اعداد انفسنا كافراد معينين لهم تاريخ و خصائص معينة لتحمل وانجازالمهام التي تضعها المرحلة الجديدة على عاتقنا، يتطلب منا ادراك روح هذه المرحلة والتطابق معها. واذا اردت ان اطلق تسمية على هذه المرحلة، ربما استطيع القول عنها انها المرحلة التي نحن بصدد كشف وتبيان علاقة الحزب والمجتمع فيها. المرحلة التي سنعمق فيها في العلاقة بين الحزب الشيوعي والمجتمع ونسعى لمعرفة آليات تاثير الحزب في المجتمع و تاثره به بشكل افضل والاستناد عليها. وفي المرحلة عشية ثورة عام ١٩٧٩، كانت المسالة التي واجهتنا، وما اقصده من منظار محفلي، حميد تقوايي وانا ورفاق اخرين، كنا موجودين خارج البلاد، هي مسالة الشيوعية وماركس. وكان ثمة سؤال قديم مطروح بالنسبة لنا وهو ماذا تقول الماركسية فعلا وما هي الصلة التي تربط الاقطاب المسماة بالشيوعية الموجودة في تلك الفترة بالماركسية؟ فمن منظارنا لم تكن شيوعية الصين، الاتحاد السوفيتي، البانيا، شيوعية التروتسكيين، تمثل شيوعية ماركس. وان أول عملية تجاوزناها وأنعكست في خصوصية اتحاد المناضلين الشيوعيين هي تأكيدنا على الماركسية الواقعيةالثورية. فالخصيصة المميزة لاتحاد المناضلين الشيوعيين كانت ماركسيته، وماركسية مؤسسيه. ومع اندلاع الثورة، طرح سؤال علاقة الشيوعيين والثورة، وبعبارة أخرى الشيوعيين الايرانين والثورة الايرانية وقد توجهت أنظارنا نحو هذه المسائل، ما الذي ستقوم به الطبقات الاجتماعية في هذه الثورة، ماذا علينا أن نفعل، أين هي القوى الثورية، ماهو جوهر الثورة وماهيتها، ما هي الدولة، ما هي أصول وأساليب التعامل مع الاحزاب البرجوازية، أية مكانة تحتلها مسالة الارض، ما هو اسلوب تعاملنا ازاء الحكومة المؤقتة، والتيار الاسلامي واجنحته، وبكلمة واحدة يمكن القول ان ما طرح امامنا هو سؤال ما العمل الذي سنقوم به كشيوعيين في هذه الثورة. وكانت تلك هي المسائل التي عالجناها. واستمرارا لهذه المباحثات، وفي قلب موضوع الثورة، واستنادا الى الظروف والامكانات التي اوجدتها الثورة، طرحت مقولة الحزب الشيوعي. او بعبارة اخرى مسالة الشيوعية والحزب. وكانت اطروحتنا هي: نتيجة هذا العمل، اي حصيلة مساعي التنظيمات الماركسية المشابهة لنا في قلب الثورة، ينبغي تشكيل حزب يكون حزب الطبقة العاملة، حزب شيوعي، بالمعنى الواقعي للكلمة، يولي الثورة عناية وتتعامل معها. كان هذا يتطلب منا تجاوز مرحلة ما قبل تاسيس الحزب. واذا كنتم تتذكرون كانت تلك هي المرحلة التي كان البحث فيها يتمركز حول اسئلة من مثل، ما هو الحزب، ما هي شروطه الاولية، ما هي مكانة البرنامج فيه، ما هو نقدنا لنظرية الارتباط وغيره. ومع تأسيس الحزب الشيوعي الايراني، تجاوزنا هذه الابحاث وتخطيناها. وبعد تاسيس الحزب طرحت مسألة علاقة الشيوعية و الطبقة اوالحزب والطبقة. وكان من الطبيعي ان تطرح مع تأسيس الحزب مسالة علاقة الحزب بموضوع تنظيمه في المجتمع، اي الطبقة العاملة، وقد تمحورت ابحاثنا حول علاقة الحزب والطبقة. وقد بدأت هذه الابحاث من موضوع اسلوب العمل في المؤتمر الاول لاتحاد المناضلين الشيوعيين في كردستان بشكل جدي ومكتوب واستمرت حتى بحث الشيوعية العمالية. ويطرح مبحث الشيوعية العمالية، تجاوز البحث العلاقة التنظيمية-العملية مع الطبقة. وقد تزامن ذلك مع بدء نهاية الحرب الباردة وبداية المرحلة التي أطلقت عليها البرجوازية نهاية الشيوعية. وفي البحث عن أسس حركتنا وتمايزها وأختلافها عن تلك الشيوعية التي كانوا قد أعلنوا نهايتها، أصبحت علاقة الشيوعية والطبقة على مستوى أعمق وأكثر تجذرا موضع توجهنا. ان علاقة النظرية بالطبقة، علاقة التحزب بالطبقة، علاقة مسألة الاتحاد السوفيتى بالطبقة، علاقة الهزائم السابقة بانفصال الشيوعية عن الطبقة، علاقة الحزب بالطبقة وهذه المرة بمعنى الوحدة التي يجب أن يكونها الحزب مع الطبقة، توحدالطبقة بالحزب، مكانة العامل في الحزب، الخاصية العمالية للاشتراكية نفسها وحتى الخاصية العمالية للنظرية الماركسية، تأمل تأريخ الشيوعية والاشتراكية المعاصرة، من منظار الصراعات الطبقية والانتماءالطبقي للميول والاتجاهات التي تسمي نفسها الشيوعية، كل تلك كانت ألاجزاء المكونة لبحث الشيوعية العمالية. لا أعرف كم شخصا من بينكم كان حاضرا في أول ندوات الشيوعية العمالية. طرحت حينها بحثا أصليا وهو أن مقولة العامل، ليس كموضوع للعمل، بل وجود العامل كظاهرة إجتماعية في قلب نظرية الاستغلال، يدخل في أساس الماركسية. ولم يبتدأ ماركس بتحليل المجتمع بدون طبقات ليقوم فيما بعد ببحث الطبقات كمتحاربين يوجهون بعضهم البعض الاخر. فالطبقة كانت موجودة في نفس نظرية ماركس حول الإستغلال والطبقة كانت موجودة في نفس نظرية ماركس حول التغيير، والطبقة كانت موجودة في نفس نظرية ماركس حول المعرفة. وفي تلك المرحلة عرفنا شيوعيتنا بوضوح، وبنفس أسلوب البيان الشيوعي، شيوعية بروليتارية، أو شيوعية عمالية. وبمعنى واحد فإن مسار أنفصالنا النظري عن ميراث وتاريخ الاشتراكية البرجوازية، في النظرية، في الآفاق الاجتماعية، في البرنامج، في رؤيتنا لتاريخ الشيوعية وفي بياننا للوظائف والمهام العملية لحزب شيوعي، اكتمل بابحاث الشيوعية العمالية ونحن الان بصدد الشروع في تنظيم حزب سياسي متدخل على اساس رؤية الشيوعية العمالية، وهو العمل الذي اضطلعنا به بتاسيسنا للحزب الشيوعي العمالي. وفي اية مرحلة تمحورنا فيها وركزنا على هذه الابحاث الخاصة، صار ذلك مبعث تقويتنا اكثر. وفي اية مرحلة طرحنا فيها هذه الاسئلة المحورية التي تتطلب منا ردا محددا، دفعنا ذلك لمرحلة ارقى و ممارسة سياسية اقوى - لان هذه الاسئلة كانت صحيحة و موضوعية وتوجهنا نحوها واخذناها بعين الاعتبار حتى لو لم يكن بالدرجة المطلوبة والكافية، الا انه كان يوجهنا على الاقل صوب الاتجاه والتوجه الصحيح. واليوم استمرارا لهذه الابحاث واستمرارا لمسار تكون الحزب الشيوعي العمالي الايراني الذي كان ثمرة و حصيلة تلك الابحاث بحثا بحثا والتوعية الذاتية التي اشرت اليها، تتجه انظارنا صوب اسئلة جديدة تتطلب منا و بنفس الشكل والمقدمة والجدية، كما في السابق، الرد عليها ولتكون تلك الردود اساس صياغة ممارستنا السياسية. فابحاث الحزب والمجتمع والحزب والسلطة السياسيةهي باعتقادي ابحاث تسعى لتعريف وازالة العقبات التي تقف امام تحول الحزب الشيوعي العمالي الى حزب سياسي متكامل الخواص.
الحزب، التحزب والسلطة السياسيةلقد كان هذا احد العناوين الاصلية في جدول اعمال المؤتمر الثاني. ما يجعل من منظمة ما حزبا سياسيا ويميزها عن جماعات الضغظ، الفرق الايديولوجية، الحلقات الفكرية، المراكز الادبية ومراكز النشر وشبكات المحافل، بالدرجة الاولى، علاقة تلك المنظمة بالسلطة السياسية، سواء كمفهوم في فكر تلك المنظمة او كواقع في حياة وممارسة تلك المنظمة. وما اعنيه بالسلطة السياسية ليس فقط سلطة الدولة، ليس فقط اعتلاء وكسب سلطة الدولة، فهذا ليس امرا يمكن حدوثه كل يوم، بل ان ما اعنيه هو قدرة منظمة معينة على حشد القوى وتعبئتها وترك التأثير على معادلات السلطة في مجتمع معين وتبديل منظمة معينة الى قوة مهمة في تقريرالمصير السياسي للمجتمع. وحين نشكو من عدم وجود حزب الطبقة العاملة في المجتمع، لا نعني بذلك بالضرورة انعدام وجود الجماعات الشيوعية، انعدام وجود النشرات والاذاعات الشيوعية، انعدام وجود الحلقات والشبكات الحلقية الاشتراكية للعمال والمرتبطة بالتنظيمات اليسارية والشيوعية، بل ان ما نعنييه هو ان الطبقة العاملة تفتقد لحزب يمثلها في الميدان العام للسياسة، في الصراع حول السلطة، وينظمها ويحشد قواها ويقودها. وبتصوري فان علاقة منظمة معينة بالسلطة السياسية هي دليل وشاخص حزبية وعدم حزبية خصائص تلك المنظمة. ان الحزب ليس منظمة و جماعة سياسية و فكرية وصلت في الجانب الكمي الى النصاب الكامل من النمو. الحزب هومنظمة وضعت اقدامها في ميدان الصراع حول السلطة، وضعت اقدامها في ميدان السياسة على صعيد اجتماعي، منظمة ومؤسسة التي تعيش خارج الميدان العام للسياسة و خارج الصراع الواقعي حول السلطة و تحديد اصحاب السلطة في المجتمع، منظمة سواء بقراراتها الواعية او بدليل خصائصها الكمية و الكيفية تقف خارج هذا الصراع، لن تكون حزبا سياسيا. بعد شباط ١٩٧٩ التفت قوى واسعة حول المنظمات الفدائية المسلحة، وبالنسبة لحزب سياسي، فان هذه القوى هي اداة التدخل في مصير السلطة في مرحلة معينة، فاما ان ينجح في عمله هذا ويرسخ توازن قوى جديد او يفقد هذه القوة لمرحلة معينة. ولكن الفدائيين وعلى الرغم من نفوذهم الواسع قبل الثورة، كانوا يفتقدون لملامح وخصائص حزب سياسي. وفي نهاية المطاف اصبح هذا التنظيم جماعة ضاغطة على الحركة القومية والاحزاب القومية الاصلية في البلاد. فلا امتلك افق حزب سياسي ولا كانت تركيبته وممارساته واهدافه، تركيبة وممارسات واهداف حزب سياسي. وان الاقسام المختلفة للفدائيين وابناء عمومتهم في (راه كاركر) وبقية جماعات المماثلة، هي الان جماعات ضغط على الاحزاب السياسية الاكثر اصالة في المجتمع. ان انعزال المنظمات الشيوعية عن صراع السلطة في المجتمع اصبح الان فرضية عامة. لدرجة انه لو كان الامر خلاف ذلك لاصبح مبعث تعجب وهمسة المراقب الخارجي. فبالنسبة للكثيرين، خصوصا لنفس قادة ومناضلي تلك المنظمات قبل اي شخص اخر، لا تمثل الشيوعية تيارا متطلعا للسلطة، بل فرقة كهنوتية تشعل نارالحقائق الطبقية والاهداف الانسانية للاجيال القادمة... ان هذا ليس الفهم الماركسي، الفهم الشيوعي العمالي، للحزب، فمهمتنا هي ايجاد حزب سياسي شيوعي عمالي. و طوال هذه السنوات العشرين، اصدرنا النشرات والصحف الماركسية، رفعنا راية الاهداف والبرنامج الشيوعي، شكلنا التنظيمات الصغيرة والكبيرة، قمنا بالدعاية والتحريض الشيوعيين، ومارسنا النضال السري والعلني والمسلح، وقد كانت وظيفتنا ايجاد حزب سياسي، يرفع راية العامل، راية الدعوة للمساواة والتحرر، في قلب الصراع من اجل السلطة داخل المجتمع، ويكون بشكل موضوعي طرفا في ذلك الصراع وان يمتلك حظ النصر في هذا الصراع السياسي. فالشيوعية هي من اجل التغيير. ويتطلب تغيير المجتمع البرجوازي انتصار الطبقة العاملة في الصراع من اجل السلطة. على الشيوعية العمالية ان تتحول الى حزب سياسي في المجتمع. تلك هي الفكرة الاولية والبديهية لبيان الشيوعي، مثل بقية الافكار الواردة فيه، ومثل مجمل رؤية ماركس النقدية. وينبغي ان تخرج من تحت التحريفات. فالروايات الممسوخة التي اجلت الثورة الشيوعية والمجتمع الاشتراكي الى مستقبل بعيد وعالم اخر وتنكر فوريتها والحاجة لها وامكانية تحققها اليوم، تنفي كذلك باشكال مختلفة التحزب الشيوعي العمالي، اي رفع الشيوعية العمالية قامتها كحزب سياسي متطلع للسلطة وتعتبره امرا غير ممكن ولا طائل منه. الا ان ما يمنح نشاطنا الشيوعي معناه، هو بالضبط لنفس ايجاد حزب شيوعي عمالي يرفع قامته على صعيد المجتمع باكمله، في ميدان الصراع لتقرير مصير السلطة السياسية في المجتمع. حزب يستطيع العامل، وكل انسان مدافع عن الحرية والمساواة الارتباط به ويكون مطمئنا انه يستطيع من خلال ذلك وضع تأثيره عملا و واقعا على مجتمعه وما حوله وعلى مصير البشر المعاصرين له. واذا كان ثمة شئ يريد بيان الجوهر المشترك لمراحل نشاطنا المختلفة طوال العشرين سنة، فانه سيكون السعي لايجاد وتجسيد شيوعية عمالية تجذب الطبقة العاملة الى الميدان وتمثلها لا في حاشية المجتمع و على هامشه بل في مركزالسياسة داخل المجتمع وفي خضم الصراع من اجل السلطة.
الآليات الاجتماعية للسلطةان ايلاء العناية بالسلطة السياسية هو بالدرجة الاولى مقولة اجتماعية. فالصراع من اجل السلطة السيايسة لم يكن ابدا من اختراع الشيوعيين. والمجتمع يمتلك آلياته للامساك بالسلطة السيايسة، فالدعاية والتحريض والتعبئة ليست من اختراع الماركسية، والعنف،الانتفاض، الثورة، قمع الثورة، الحرب لم تكن ولا اية واحدة منها من اختراع الاشتراكية والحركة الاشتراكية. الدولة، اسقاطها، والثورة، ليست من اختراع الشيوعيين. فكل تلك، ظواهروآليات اجتماعية. وتلك هي الخاصية الموضوعية للمجتمع حيث يقول للشيوعي كيف يمكن ان تستولي على السلطة، من، وفي اي موقع، بامكانه الامساك بها، وفي اية مرحلة يمكن الامساك بها، وليس برنامجنا المسبق وطرقنا و اساليبنا. نحن لسنا مخترعي منجنيق سياسي جديد لفتح قلاع التاريخ. فاذا كانت مسألة كسب السلطة قضيتنا، فان اول الاسئلة المطروحة هي: ما هي الآليات الاجتماعية لكسب السلطة، وآليات الاستقواء والنصر في الميدان السياسي، في المجتمع المعاصر؟ وهذا هو بحث ملموس جدا. دعونا نسأل، كيف يمكن زيادة عدد الناس المخاطبين، كيف يمكن زيادة عدد الناس المتحدين والمنظمين، كيف يمكن تنظيم حركة تترك تأثيرها على افكار البشر على صعيد اوسع؟ كيف يمكن محاربة الآراء السائدة ؟ وهذه الآراء السائدة في العالم المعاصر كيف يتم صياغتها واشاعتها بين الناس، ما هي آلياتها وكيف تتم محاربتها؟ كيف يمكن في هذا العالم بهذه الخصائص الانتاجية، السياسية، العسكرية، المعلوماتية، الثقافية، التربوية، التحول الى قوة يمكنها التأثير على حياة وارادة ملايين الاشخاص من افراد الطبقة العاملة، وجموع الجماهيرالواسعة المتطلعة للحرية والمساواة، وادخالها الميدان وقيادتها وتوجيهها صوب الاتجاه الصحيح؟ اذا اراد حزب سياسي شيوعي عمالي القيام بعمل في هذا العالم عليه ان يكون قويا، عليه ان يتقوى لدرجة يسطتيع معها الحاق الهزيمة بالبرجوازية المعاصرة في عالمها. وهذه هي الكلمات القديمة لماركس حيث ينبغي لتغييرشئ وحتى لافنائه،معرفة كيفية عمله، ويجب معرفة قوانين حركته. لسنا نحن الذين سنقرر كيف يمكننا التحول الى قوة سياسية مقتدرة في العالم المعاصر، فالمجتمع نفسه استنادا الى خصائصه،يعرف آليات تقلباته كذلك. يجب معرفة تلك الآليات. الآليات التي تمنحنا نحن، الحركة والحزب الشيوعي العمالي، الفرصة للتطور، كسب النفوذ، جمع القوى، وتدفعنا للثورة، واخذ السلطة و تطبيق برنامجنا. وحين اتحدث عن آليات المجتمع نفسه لا اعني بذلك الآليات القانونية للمجتمع، فالانتفاضة والثورة هما آليات المجتمع المعاصر للتغيير. الهياج، الثورة، الحرب هم آليات المجتمع المعاصر للتغيير. ولكن دس السم في التعامل مع الاعداء في وليمة العشاء، لا ينسجم مع هذا المجتمع، لربما استخدم المأمون الخليفة العباسي هذا الاسلوب لمرات عديدة. وفي سلسلة مراتب (سربداران)، بالطبع لا اعني هنا اتحاد الشيوعيين الايرانيين، يصل احد السلاطين الى الحكم بهذه الطريقة، حيث يقتل الامير الذي كان جولة بالسكين و يعلن نفسه اميرا. الا ان هذا الخيار ليس مطروحا امامنا اليوم. نحن بصدد مرحلة من حياة الحزب تطرح فيها امامنا بجدية مسألة النفوذ السياسي في المجتمع، الحضور والتواجد في حرب السلطة والامساك بروافع تبديل مواقع القوى في المجتمع. روافع وميادين يشكل الامساك بها والتوغل فيها بموجب خصائص المجتمع المعاصر، امرا حتميا بالنسبة لقوة تسعى للتغيير في المجتمع. ونحن الان نضع ايدينا ولو قليلا على تلك الروافع، ولكن سيبدوا احيانا اننا نتعجب وحتى يراودنا القلق من قدرتنا، ونخاف من انتصارنا ونلجاء الى بيوتنا واحضان امهاتنا. فالبعض يشعر بالاغتراب والانفصال عن هذا التحرك وابرز الوجود السياسي. ان الشيوعية التي تمارس دعايتها وتحريضها في محلات السكن والحلقات، الشيوعية الحاضرة في صدر القرارات التنظيمية والاجتماعية الصغيرة - السرية، معروفة وليست بغريبة لديهم، الا انها لم تتعود على تلك الشيوعية التي تنصب رايتها وسط المدينة، الشيوعية التي يراها الكل و يعترفون برسميتها، لدرجة تجعل العامل الذي غاب تواجد الحزب في محلته، ان يرفع قامته و يريد الالتحاق بهؤلاء الشيوعيين. ولكن خارج هذه النافذة تجري حرب السلطة يوميا، وتظهر بأستمرار مسارات ومناهج جديدة في هذه الحرب. ان تدخلنا في مسألة السلطة السياسية يتطلب منا تعقب الآليات الاجتماعية للسلطة في المجتمع المعاصر. و بلا شك ان معرفة هذه الروافع والمناهج، والاهم من ذلك،استخدامها ليس بامر سهل. الا ان تشخيص الاساليب التي لا تنفع ابدا حزبا شيوعيا معاصرا ليس صعبا.
"تقاليد كلاسيكية شيوعية" ام ميراث الاستبداد و الانزواءان الحزب الشيوعي لن يصل الى السلطة ما لم يمسك بهذه الاساليب والطرائق الاجتماعية. ومن جانب آخر فانه اقل الاطراف استعدادا وامتلاكا للامكانيات من اجل الوصول الى تلك الروافع. وما حل بالشيوعية هو ان البرجوازية ومن خلال فرض الهزائم واعمال القمع والضغوطات المستمرة على الشيوعيين، استطاعت تحويل الشيوعية، التي كانت واحدة من الاحزاب المتطلعة للسلطة السياسية في المجتمع والتي ناضلت قبل قرن ونصف من الزمن بنفس الآليات للامساك بالسلطة، الى فرقة شبه دينية هامشية تعرف حياتها السياسية في زاوية من زوايا المجتمع وتكتسب هويتها من تلك الزاوية ولا تسعى اساسا للخروج من هذه الزاوية ابدا. مثل العضويات والفيروسات التي تعيش في الصقيع وتطابق حياتها معه وتبقى حية ولكن بعد نهاية الصقيع واعتدال الجو وارتفاع درجة حرارته سوف لن تعود الى حياة الضوء والدفء، حيث ستعتاد على الصقيع وتعيش فقط في تلك الشروط الحياتية. ان هذا الاجبار الخارجي الذي دفع بهذه العضويات الى التطابق من اجل بقائها مع هذه الشروط الحياتية غير المساعدة، سيتحول بعد حلقتين اواكثر من مراحله الى اسلوب الحياة القائم بذاته لها، ويصبح جزءا من وجودها، جزءا من تقاليدها، وجزءا من هويتها وبهذا لا يمكن تصور حياة اخرى بالنسبة لها سوى هذه الحياة. نحن الشيوعيين عشنا في ظل القمع، قيل لنا لا يمكنكم الخروج علنا وبشكل حر وبقامة مرفوعة والحديث مع الناس، قيل لنا بامكانكم التهامس مع رفاقكم في زاوية ما، في زقاق ما، بشكل مخفي، وفي مكان لايسمعكم فيه اي شخص، حول اي شئ تريدون، وكلا طرفيكم مجبران على العيش في هذه الزاوية والتحدث مع بعض فيها ايضا، حول اي شئ تريدون، وباية لغة تريدون، وباي مقدار من الزمن تريدون، فهذه فرقتكم فقولوا لبعضكم البعض ماتريدون قوله بلغتها، ولكنكم هنا لا تملكون رخصة فتح افواهكم امام الناس وامام المجتمع. وفي هذا الهامش نتعلم نحن وامثالنا ان نحول الحزب الشيوعي من وسيلة للنضال الى دهليز للاقامة والعيش، وظرف للوجود، ولحياة حيث ينبغي العيش فيه. وان لهذه التقاليد رموزها وآلهتها وملائكتها، لها تماثيلها و نصبها و اعرافها، ولها تاريخهاوسننها ولغتها والفاظها الخاصة بها. ويصل الامر حد تصور نفس اعضاء هذا التيار ان الشيوعية ليست وسيلة نضالية، بل طريقة ابتدعتها مجموعة من الاشخاص الذين حكم عليهم العيش في هامش المجتمع نتيجة قمع البرجوازية ودعايتها المناهضة لهم، ومن اجل الاحساس بالفخر واعطاء حياتهم معنى خاص ومن اجل اقناع انفسهم بانهم بصدد تغير العالم. ان هذا الطراز من الشيوعي متى ما خرج على هذه التقاليد، سسيصبح غريبا عن المجتمع، ساذجا، عديم الاقدام والحركة، ولا يمتلك خبرة في اي عمل، يخدعونه ويرسلونه حتى يخرج ليقول:- انا اريد ان اثور، سيقوم شخص لم يكن لديه حتى الامس اي عمل بالماركسية، استاذ يميني في جامعة لندن او طالب بالماجستير في الجامعة التكنلوجية في طهران اوابن للحاج المصلي الفلاني الذي ارسلوه للدراسة في فرنسا،سيقوم بالتوجه نحوه قائلا: ايها السيد انما تقولنه مغاير ومتناقض مع الماركسية، هل ان الظروف الموضوعية والذاتية لثورتكم جاهزة؟ وسيثور ويهتاج شيوعينا قائلا: حقا؟ هل هذا متناقض مع الماركسية؟ سينطوي على نفسه مجددا ويذهب ليبحث داخل فرقته الظروف الموضوعية والذاتية للثورة العمالية ومستلزمات التحقق التاريخي للاشتراكية عام ٣٠٠٠. وحتى يدخل شيوعي واحد ميدان السلطة، سيظهر خمسين مراقب اجتماعي ويقولون لا يمكن ذلك ايها السيد،انك شخص نظري، انك صاحب تقاليد معينة، وتؤمن بموضوعية قوانين التاريخ وتؤمن بتعاليم ماركس، فاين هي طبقتكم؟ يذكروننا باننا من جنس مختلف يجب ان لا نتورط في موضوع السلطة، كلما ذكرنا اسم السلطة كلما بدأوا بالزعيق، آه، لقد جاء المستبدون والتوتاليتاريون، في حين انهم هم اصحاب السجون والمحاكم ويسجنون ويضربون الناس، وانهم هم الذين اوجدوا المحارق البشرية واشعلوا الحروب، يمطروننا يوميا بجبل من القيح والوساخات والتهديدات والرصاص كي نظل في نفس الزاوية والا نرفع رؤسنا للتدخل في امور المجتمع والا نهتم بالآليات الاجتماعية اللازمة للتدخل في المجتمع و تحقيق التغيير فيه. ولكي نخلو بانفسنا في عالم اليسار وان نحيا فيه. ايها الرفاق، لقد عاش القسم الاعظم من اليسار الراديكالي والفرق الشيوعية، من بعد البلاشفة على الاقل، في هذه الأروقة وعلى هامش المجتمع. ان القسم الاعظم من الاساليب والسلوكيات التي نعتقد بانها حقائق ومميزات ذاتية لحركتنا هو في الاصل نتائج مقحمة ودخيلة للضغوطات الخارجية التي وضعوها علينا خلال سنين طويلة وانه ليس من صلب خصوصيتنا قطعا. ليست لغتنا لغة السفسطة الغامضة، على الرغم من اننا يجب ان نكون اناسا واعيين ومطلعين بحيث نستطيع سبر اغوار اعقد البحوث النظرية، لكن لغتنا هي، في نفس الوقت، اللغة التي يتحدث بها الانسان المعاصر عن قضاياه. ان همنا ليس هم فرقتنا بل هو هم الانسان المعاصر على الرغم من ضرورة الاهتمام بصفنا ايضا كي يكون صفا قويا. ليس همنا تصنيف واعادة تصنيف ما قاله من سبقونا، بل ان همنا هو الرد على قضايا المجتمع المعاصر. انني من مؤيدي الماركسية الاكثر غلاظة مما يمكن ان تتواجد. اعتقد ان الماركسية الاكثر غلاظة هي تلك الماركسية التي تستطيع ان تؤثرعلى العالم الخارجي. هذا هو كلام ماركس عندما قال، ان المجتمع هو الاصل. وهو الذي يجسد روحنا وفكرنا وعواطفنا وشعورنا وعلم جمالنا وكل شئ لدينا. ولكن الذي حصل هو ان الذين كانوا من المفترض ان يأخذ المجتمع هذه المكانة المصيرية في عقليتهم، امسوا اكثر الفرقاء لا ابالية بآليات و قوانين حركة المجتمع. عندما كنا نتكلم عن المبلغيين الشيوعيين والمحافل العمالية، كنا نريد ان نقول نفس الشئ، اي كنا نريد ان نقول، انظروا ما هي الآلية التي اوجدها المجتمع نفسه لتوحيد العمال على الاقل. تعالوا لنندمج مع هذه الآلية ونعمل حسبها. قولوا ما لديكم هناك حيث يوجد من يستمع اليكم. كان القصد من بحث المحافل العمالية هو التعرف من جديد على زاوية من الآليات الواقعية للمجتمع، والتذكير بان الطبقة العاملة موجود اجتماعي وقد تشكلت في اطار اجتماعي. ليس صحيحا بان العمال، في غياب الفرق الشيوعية، هم عدد من الاناس المنفردين الذين يتأملون السماء في سكون وخمول الىان ياتيهم نفر ليقول لهم بان الفقر سئ والاتحاد مفيد. لقد قلنا اطمأنوا فأن محافل المقاومة موجودة وسط العمال في كل لحظة. لقد قلنا بان شرط التدخل في مصير المجتمع هو الاعتراف بآليات وقوانين حركته. هذا هو اساس الماركسية. ان الانزواء عن المجتمع وعدم القدرة على استخدام آلياته لاجل استبدال القوى وابراز الوجودالسياسي وعدم الحضور في ميدان معركة السلطة واللامبالاة نحو المعضلات الموجودة في المجتمع و التقوقع في اطار موجود صنفي و فرقوي وهامشي، كلها ليست من تقاليد العمل الكلاسيكي الشيوعي بل انها ميراث الخنق والقمع والاندحار. يجب علينا الا نتقبل هذا التصور عن الحياة السيايسة وعن الاسلوب الكلاسيكي للنضال الشيوعي، وذلك اولا، لان هذا الكلاسيك نفسه كان شئيا آخرا قبل عشرين سنة، وثانيا، لاننا انفسنا قد لعبنا دورا كبيرا في تغيير هذا الكلاسيك. في النتيجة انني لا اعطي اية قيمة خاصة للبحث القائل بان هذا ليس الاسلوب الكلاسيكي الشيوعي. نحن الذين نعرف ماهية العمل الشيوعي. اذا وصلنا الى استنتاج باننا يجب ان نسير باتجاه معين، وذلك استنادا الى تفكيرنا والمتطلبات السياسية والاهداف الاجتماعية، عندئذ يجب ان نسير في ذلك الاتجاه دون ان نقلق على ان احدا لم يسلك هذا الطريق قبلناو ان الطريق صعب وغير سالك.
النشاط السياسي في جوهره نشاط علنيامنحوني الفرصة باستنتاج بعض النتائج الشاملة من هذه المقدمات. واول النقاط هي ان النضال من اجل السلطة السياسية هو نضال علني. فالناس بصورتهم الاعتيادية هم علنيون وانهم هم والطبقات الاجتماعية الذين يناضلون من اجل السلطة، ويسعون للامساك بها وعدم التفريط بها، والنضال السياسي في المجتمع يمتلك، بوصفه نضالا بين البشر في المجتمع، آلياته العلنية. وهذا يتزامن مع التكلم، الحديث، الكتابة، الصراخ، رفع الاصوت، جلب الانظار، جمع القوى وتحريكه، المقاومة، التموضع... ان النضال السياسي السري هو امر فرض ويفرض على حركتنا. و قد تعودنا على هذا التقليد المفروض علينا ولم نتعلم اساليب النشاط خارج حدود القمع و كأنه علينا حتما ان نعمل تحت ظروف الاضطهاد والاختفاء. صحيح ان الحزب الشيوعي يجب ان يتمكن من انجاز نشاطه السري وان قسما من النشاط الشيوعي هو نشاط سسري دائما، ولكن علينا ان نعرف ان هدف نشاطنا هو كسرحاجزالاضطهاد الذي يحرمنا من الوصول الى الآليات الاجتماعية للحديث وحشد القوى والصراع على صعيد اجتماعي. نحن نسعى لتحطيم هذا الحاجز لنتمكن من العمل في ظروف علنية وبدون تضيق والبرجوازية لا تسمح لنا بذلك. نحن كنا قد قلنا ان مهمة ثورة ١٩٧٩ ايجاد الشروط الأولية الديمقراطية للثورة العمالية. ولكن لو توفرت هذه الشروط هل كنا نستطيع الاستفادة منها بشكل صحيح؟ هل يستطيع اليسارالراديكالي الذي يشكل جماعة ضغط وليبس حزبا سياسيا متوجها نحوالمجتمع ونحو السلطة، التدخل حتى في ظل اوضاع ديمقراطية معينة في مصيرالمجتمع؟ انا لا اعتقد ذلك. ان اولىاستنتاجاتي هي ان النشاط السياسي يجب ان يتخذ طابعا علنيا، واسعا وعلى مراى ومسمع الناس وعلينا الاقدام على تحقيق ذلك. وان ذلك الاسلوب التقليدي الذي اتخذه اليساريون، اي الاسلوب الغيبي، الاسلوب الذي يتم من خلاله قذف الاحكام والشعارات والمطالب من خلف الجدران الى الناس كأحكام بيدهية وكأنهم قد خبئوا عقلا او منبعا من الحكمة والدهاء في مكان ما ولا يفشون بسر مكانه للناس ويعلنون اننا نعرف ان التاريخ يسير بهذا الاتجاه وليس بذاك الاتجاه، هو ليس اسلوبا فعالا وشيوعيا ابدا. ليس هذا اسلوب التيارات السياسية الجدية وبالتالي فانكم اذا ما اردتم ان يتبعكم الناس عليكم ان تبينوا وتعلنوا انفسكم لهم. عليكم جعل دعوتكم علنية وجذب الناس نحوكم. وليس بامكانكم انجاز هذا الامر دون اسم وصورة و هوية وملامح سياسية. واذا فهم شخص بان احضار مليوني شخص الى الميدان يتطلب عشرة الاف انسان من ذوي هويات وملامح معروفة بحيث يكون لكل واحد منهم نفوذ بين الناس ومكانة خاصة لديهم، سيفهم ان حزبنا يعرف ٥٠ شخصية شيوعية بالمجتمع ويعتقد ايضا ان ذلك قليل، لم يتنكر من نظرية الحزب اللينيني ولم يصبح حزب الشخصيات. بل انه يريد القول ببساطة نمتلك القليل من الشخصيات، فامتلاك الشخصيات، امتلاك اشخاص واقعيين، امتلاك قادة وفعالين معروفين، هوالمنهاج الطبيعي والواقعي للاحزاب السياسية التي تريد امتلاك السلطة. ان الفرد يمتلك اهميته في النضال السياسي. فالفرد هو تلك الظاهرة التي تمنح الاتحادات، الاحزاب السياسية، والحركات، ملامحها، ويجعلها ملموسة بالنسبة لجموع الجماهير الواسعة، ويجعلها في متناول الناس. ولو تأملتم اية مؤسسة لا تتأملون فقط ممارساتها وخططها وبرانمجها وفلسفة وجودها، بل انكم ستتأملون ايضا الافراد الذين يشكلون هذه المؤسسة وان هذا هوامر حاسم في تحديد ملموسية و واقعية علاقة المجتمع بتلك المؤسسة. فكل فرد وباي مقدار يكون جزءا من منظمة ومؤسسسة جماعية، سيقوم بدور فرد وسيكون له دوره الخاص في النضال السياسي. ان المنظمة والحركة التي تتجاوز الفرد ولا تاخذه بنظرالاعتبار، شل تأثيرها وأثرها. المنظمة هي دليل الوحدة العميقة بين الافراد. وبالتالي فان المنظمة لا تملك اية حكمة اكثر من اتحاد افرادها. انا ادرك بان طوال تاريخ اي حزب، يأتي اليه افراد ويغادرونه، ولكن اهمية المنظمة تكمن في انها في كل مرحلة توحد وتحقق انسجام افراد معينين وتوحدهم. فتلك المنظمة هي شبكة يرتبط بها الافراد ويربطون بها نضالاتهم، يتقوون بها، ينسقون اعمالهم بشكل مشترك فيها، وتجسد قوى التنظيم خلف فعالية ونشاط الفرد وتحول قوة كل الافراد الى قوة المنظمة. الا ان المنظمة لن تحل محل الفرد في النضال. بلا شك ان هذا البحث ليس جديدا بالنسبة لنا. فقد تحدثنا بالتفصيل قبل ١٥ سنة عن مقولة المحرضين الشيوعيين والقادة العمليين للحركة العمالية ودورالفرد والقائد المعروف والمعتمدعليه في الحركة العمالية. فالشيوعية الماركسية، الشيوعية العمالية، هي بهذا الاعتبار حزب الشخصيات. ان تفكيك الهوية الفردية للشيوعيين في تنظيم اداري وعسكري عديم الملامح، لدرجة تبديل اسمائهم بحروف مختصرة، سلب الهوية من الشيوعيين وتحويل الدعاية والترحيض والشعارات والندءات الى ثمرة ونتاج المكاتب القيادية للمنظمات الغيبية، ليس حصيلة ونتاج حركتنا، وليس خصيصة لها. والبحث هنا لا يدور حول مسالة ان الحزب لا ينبغي ان يمتلك لجانا، ولا يدور حول مسالة ان الحزب لا ينبغي ان يمتلك قاعدة محكمة سرية تستطيع العمل في مختلف الظروف والاوضاع، ولا يدور ايضا حول مسالة ان نفس شبكتنا السرية هذه منحتنا امكانية ان نكون هنا الان وصار هذا الانضباط المحكم سندا وظهيرا لعملنا. ان ايا من تلك المسائل لم تكن موضع بحثنا. ولكن هل اخذنا الميدان بالدرجة المطلوبة من يد الاخرين كي يشك الان شخص في اننا لم نمضي كثيرا صوب تلك الجهة؟ ينغي ان نمضي المئات الخطوات صوب هذا التوجه. ينبغي ان نمتلك في نفس الابعاد الفعلية عشرات الشخصيات العلينة بحيث لو فكر شخص في ايران بقدرة هذا التيارلاستطاع ان يتجسد امامه بشكل مشخص اية فئة واية فرقة من البشر وباية عقائد وافكار وخلق وخصائص يصلون الى السلطة. ولاستطاع ان يتمنى ويتطلع ان تمسك هذه الفئة من البشر بالسلطة. نحن لحد الان لم نخطو حتى خطوة صحيحة في هذا السبيل. ترى اليست هذه وظائف اشتراكية؟ بالمعنى القديم والفرقوي للكلمة، وبموجب مستوى الشعور والفهم المقلوب لاولئك الذين يريدون العيش على هامش المجتمع سيكون الجواب نعم هذه ليست وظائف ومهام اشتراكية. ولكن بالنسبة لشخص ماركسي، فان تلك هي مهام الاشتراكية بعينها. بالنسبة لشخص يريد استلاب السلطة من يد البرجوازية، فان ذلك هوالاشتراكية بعينها. ونحن ادركنا هذه الضرورة بشكل دقيق واستنتجناها من شيوعيتنا ومن ماركسيتنا ونعتقد ان ذلك يمثل شرط لتقدمنا في الصراع لتحقيق اهدافنا. فاذا كان من المقررتحطيم الملكية الخاصة ونظام العمل المأجور وتحقيق الاهداف والمطالب التاريخية التي كنا قد اعلناها، علينا ان نبرز امام المجتمع بمثابة جمع كبير من البشر الواقعيين الذين لهم ملامحهم السياسية الخاصة بهم ونعلن نداءنا للمجمتع ولكل الطبقة العاملة. فالوجود في المخابئ وانعدام الملامح والعيش في حاشية المجتمع وعلى هامشه ليس بخصائص الشيوعية. ذلك ما تريده البرجوازية من الشيوعيين. فقد اوجدت الاجهزة القمعية واقامت اجهزة التزييف والكذب الهائلة كي تفرض كل ذلك بالتحديد على الشيوعية وعلى الصف الشيوعي للطبقة العاملة. ان رفع القامة بمثابة اناس واقعيين، يمثل بالنسبة لمجموعة من الماركسيين، الاشتراكية بعينها، وهومهمة و وظيفة الاشتراكية ونقطة شروعها وماعدا ذلك ليست باشتراكية.
الحزب و الطبقة: العلاقة المحلية والعلاقة الاجتماعيةترى ماذا سيكون عمل الحزب مع العمال؟ ان العمل المباشر وحضور الحزب مع الناشطين والمحافل والحلقات العمالية هوبلا شك جزء دائم من عمل اي حزب شيوعي وعلينا ان ننشغل دائما بهذا الامر. ان ذلك هو طراز الفعالية والنشاط بين العمال الذي تحدثنا عنه كثيرا ويفترض ان يكون نشاط اليومي للحزب ايضا، واوجدنا منظمة من اجله. اما النوع الاخر من الفعالية العمالية فهو ان توفر امكانية اختيار الشيوعية من قبل العمال. ان تقول للعمال: اترون هذا الحزب؟ في هذا الصراع يمكنكم اختيار الشيوعية، الشيوعية العمالية هي قوة فعلية وموجودة. واذن فالدعوة ليست بين الجبهة القومية وحزب تودة والملكية والاسلام، انه الحزب الشيوعي العمالي ويمكنكم ان تختاروه. فاخيتاركم ليس محدودا وقاصراعلى احزاب الطبقة الحاكمة. انه حزبكم ويمكنكم غدا الذهاب الى قلب طهران، للارتباط به من خلال المكتب المركزي له، ارتبطوا بالحزب وارتبطوا واتحدوا بالعمال الاخرين الذين هم اعضاء في الحزب في محلاتكم ومعاملكم ومدنكم، ويمكنكم تحمل المسؤولية منذ اليوم الاول لارتباطكم. ايها الرفاق، نحن نريد منح الطبقة العاملة حق اختيار الشيوعية. واذا كنا مختبئين ومتخفين لماذا على العامل ان يختارنا نحن؟ عشرات السنوات والتروتسكيون يأخذون الدولمة الى الاضرابات العمالية ويتعرضون الى الضرب بالهراوات اسوة بالعمال من قبل الحراس، ولكن حين يفكر العامل بمسالة السلطة والدولة في المجتمع، فانه يفكرمجددا بالاشتراكية الديمقراطية. وذلك ان حزب التروتسكي لم يضع نفسه قط في موضع بحيث ان يكون، بوصفه قوة في المجتمع، قابلة للاختيار والانتخاب من قبل العمال بوصفه وسيلة للتدخل في مسالة السلطة. يجب ان يكون لحزب ما حضور في قلب الساحة السياسية كي يتم اختياره، كي يدرك ان هذا التيار يشرع بعمل قيم ويعرف طريقه، وبامكانه تغيير مواقع القوى. على حزبنا الظهور بدرجة يستطيع العامل فيها اختياره، ولا اقصد باختياره في الانتخابات، بل ان ما اقصده هو ان يقوم العامل بوصفه طبقة معينة اختيار هذا الحزب وان يقول انني اختار هذا الحزب من بين جميع البدائل الموجودة. ان واحدا من الابعاد الدائمة والذي لا يمكن فصله عن نشاطنا وفعاليتنا هو تفعيل وتنشيط علاقتنا وروابطنا العمالية. والبعد الاخر لنشاطنا هو جعل الحزب في تناول الطبقة العاملة في قلب المجتمع وفي الصراع من اجل السلطة بوصفه وسيلة واقعية كي تمسك به بوصفه حزبها لتحديد مصير المجتمع. واذا لم ننجز البعد الثاني نكون قد قصرنا في مهمتنا الشيوعية. فما هي الخطيئة التي ارتكبتها الطبقة العاملة لتظل تواجه الى الابد اشتراكية المجاميع الصغيرة من قبيل الاتحاد والنضال في سبيل الدفاع عن حقوق والعمال المحرومين وتنشغل احزاب طبقات الحاكمة بالتلاعب بمصيرها في معترك الميدان السياسي. ينبغي انهاء هذه الاوضاع وهذا يتطلب من الشيوعيين ازاحة التقاليد الهامشية والفرقية وتقاليد الجماعات الضاغظة جانبا والظهور في قلب الصراع من اجل السلطة في المجتمع. ان كلمات الشيوعية والاشتراكية لوحدها وبدون اية ايضاحات هي كلمات ذات وقع قوي جدا لدى العمال. ان العامل يجد الاشتراكيين بشكل غريزي وطبيعي في الجدالات الاجتماعية. وهذا هو جزء من تقاليد الطبقة العاملة، اذ ان الاشتراكية هي حصيلة وثمرة الطبقة العاملة. انها تلك الحركة التي حولت الشيوعية الى العالم. ففي اي مكان من العالم، من الأرجنتين الى كوريا، حين يتجمع فيه العمال، فان بامكانكم الاحساس بتناقلهم وقراءتهم للادبيات الماركسية. ينبغي علينا ايجاد حزب شيوعي عمالي يكون حاضرا ومتواجدا في المجتمع، في ساحة الصراع الطبقي حول مقدرات المجتمع، لا ان يكون يوقع اسمه اسفل بلاغات المنظمة في محفل معين. ان تلك هي التحديات التي تواجهنا اليوم. ان الحزب الشيوعي العمالي كحزب عمالي، كحزب تشكل على اساس الصراع والجدال الحاسم بصدد الماركسية واختلاف الشيوعية العمالية عن الشيوعية البرجوازية، قد وصل اليوم لمكانة، بحيث ان سبيل الوحيد لتقدمه هو ادراك وفهم علاقة الحزب والمجتمع وفهم مقولة الآليات الاجتماعية لكسب السلطة، وما اعنيه بكسب السلطة ليس الهجمة الاخيرة على قصر الشتاء وتشكيل الدولة، بل انما اعنيه تقوية الحزب وتوسيع نفوذه في المجتمع بحيث يكون احد اركان جدال الطبقات حول السلطة، وكي لا يفرض على المجتمع شئ من فوق راسه. لقد شرع هذ المسار في بدءه، ونحن نرى بوادر شروع هذا المسار حيث انكم شهود على تناميه التصاعدي وتقدمه.
ايها الرفاق، ان الانتصار على البرجوازية يجب ان يتم على ارضها. ونحن في مؤتمرنا لن ننتصر على احد، لن نكسب السلطة السياسية في معسكرنا. وبموجب ذلك علينا المضي نحو ارض البرجوازية ونحن نمضي في هذ ا السبيل. علينا اعداد انفسنا للقيام بهذا الدور علينا اعداد انفسنا في كافة الجوانب، سواء كنا محرضين او سياسيين، او قادة عماليين اوانصارا مسلحين، او شعراء او كتاب، قد وصلنا لمكانة بحيث ينبغي ان ناخذ على عاتقنا ادوارا مؤثرة على صعيد اجتماعي، وان نرفع قامتنا ونتحدث بمثابة شخصيات حية للحركة الاشتراكية والشيوعية العمالية في بلد معين، وان نتحدث للمجتمع باكمله.
ترجمة: يوسف محمد و سلام عزيز hekmat.public-archive.net #1900ar.html |