Status             Fa   Ar   Tu   Ku   En   De   Sv   It   Fr   Sp  

اين ينبض قلب الشيوعية!

خطاب في حوار نظمه الحزب الشيوعي العمالي
غوتنبرغ السويدية- اذار-مارس ٢٠٠٠

منصور حكمت

رفاق، ارحب بكم من ناحيتي ايضاً. اود ان اتحدث اليكم قليلاً حول الشيوعية العمالية. ابدء حديثي من سؤال وجهته لي قبل ايام اذاعة BBC في برنامج (حديث مع اهل الراي): مع حصول ٢ خرداد على اغلبية المقاعد البرلمانية الان، ألازال الحزب الشيوعي العمالي ينوي مواصلة نشاطه ام لا؟

على امتداد تاريخ الفكر البشري، سعى الفلاسفة الى توضيح معنى الحياة. اذ منذ ان كان في اليونان يجلس كاهن ما قرب اغنامه متطلعاً للسماء ولايعرف ماهي هذه النجوم، الى الان حيث تستطيع ان تذهب الى الانترنيت للحديث مع فلاسفة متنوعين، يبحث جميعهم عن معنى حياة الانسان. مع سؤال BBC حصلنا على معنى حياتنا برايي!

حقيقة مع دخول جميلة كديور الان البرلمان، بوسع ماركس وانجلس ان يناما قريري العين، بوسعنا انهاء نشاط تنظيماتنا لان السيد بهزاد نبوي الناطق باسم الجمهوية الاسلامية في ٣٠ خرداد ومابعده قد دخل مرة اخرى البرلمان، ويمكن احالة الامور الى محمد رضا خاتمي، اخ السيد خاتمي، ونحن مرتاحي البال وان تعتلينا الطمأنينة وذلك لان رئيس الدائرة الايديولوجية للباسدار (الحرس الثوري للجمهورية الاسلامية-م) عام ٨٤ سيدافع عن حرياتنا جميعاً وسيحقق كل امانينا.

برايي، تعود القضية بالضبط الى اين يبغوا الدفع مرة والى الابد بالشيوعية، وماهو تصورهم عن الشيوعية، وماهو تطلعهم منا؟ والان مع دخول السيدة كديور البرلمان، سننهي فعاليتنا ام لا؟ من الممكن ان يقول خنبابا طهراني نعم سننهي نشاطنا دون شك! واعتقد انه قال مثل هذا الشيء بحد ما ايضاً.

بيد اني اود الحديث عن الحزب الشيوعي العمالي واذكر متى ينهي نشاطه، لماذا هو موجود، الى اين ينبغي عليه المضي وكم من شوط قد قطعه. اسعى الى توضيح ذلك دون التطرق الى الصيغ الشيوعية المتداولة دوماً مثل الصراع الطبقي، ديكتانورية البروليتاريا، البرجوازية، البرجوازية الصغيرة، الاشتراكية في بلد واحد، الميل التنازلي لقيمة الربح، التحريفية وغيرها. اود ان اتحدث دون اللجوء الى هذه المفاهيم.

اود ان اتحدث قليلاً عن اين ينبض قلب الشيوعية. يمكن الحديث عن عقلها، ولكن اين ينبض قلب الشيوعية، واي شيء يخص قصة الشيوعية، واين يكمن قلب الحزب الشيوعي العمالي؟ يمكننا الحديث عن تاريخه وسياساته كذلك، ولكن اين يكمن قلب الحزب، وماهو معنى حياة الحزب الشيوعي العمالي؟

انظروا! لا انا، ولا الاشخاص الجالسين هنا، ولا الكثير منا الذين اطلقنا على انفسنا اسم شيوعيين، ننهض ونقوم بالعمل الذي نقوم به صباح مساء جراء قراءة الكتب ولا جراء النشاطات الجميلة لماركس والفعاليات الحسنة للينين والانسجام النظري لهذه الرؤية. لم يغدوا اي منا فعالاً جراء الكتب التي قرأناها، ولم نبقى في الميدان جراء ذلك. لم يكن اي منا في الميدان جراء الصيغ التي سمعناها، جراء الصيغ التي سمعناها، ولا الجدالات التي قمنا بها، والنظرات التي تبنيناها. ليس جراء ذلك نقوم بما نقوم به منذ ٢٠ عام ونيف، على الاقل انا-بعض الرفاق (ويشير الى ايرج فرزاد في هيئة الندوة) من مرحلة المشروطة لحد الان!-(ضحك الحضور)، ليس من اجل ذلك ننهض يومياً ونواصل هذا العمل من جديد. ان هذه ليست "مهنتنا". لانقوم بهذا العمل لاننا لانستطيع القيام بعمل اخر. قد يكون هذا امر بعض في عالم السياسة لانه ليس بمقدوره القيام بعمل اخر، وان هذه افضل مهنة وجدها. ولكن ثقوا ان هذا هو ليس مايقف وراء اننا انفقنا من صبحانا حتى مساءنا طيلة هذه الـ٢٠ او ٣٠ سنة الاخيرة كي نؤسس الحزب الشيوعي العمالي ونسعى للعمل فيه.

ان هذه الصلة اعمق من ذلك... (ان هذه الصلة) مافوق الصيغ والمقولات، مافوق الكتب، مافوق الشعارات، مافوق السياسات، مافوق الجملات الجميلة والابحاث العميقة خلف الشيوعية. ان خلف قرنين من تاريخ الشيوعية هذا ثمة امر اكثر عمقا واكثر مباشرة يشكل معنى حياتنا ومعنى حياة حزبنا، وهو مااود ان اشير اليه.

طبقاً لاحصائيات الامم المتحدة نفسها، يموت كل عام ٤٠ مليون طفل في العالم جراء امراض يمكن درءها! ٤٠ مليون في العام، طبقاً لاحصائيات الطبقات الحاكمة يموتون اثر امراض يمكن درءها. لو تصورنا ان كوفي عنان عنصر نفوذ حزبنا في الامم المتحدة، وكان هدفه من اعطاء هذا الرقم هو اعطاء تصور سيء عن الراسمالية، اننا على ثقة انه سيموت في العام ٢٠ مليون طفل اثر امراض يمكن درءها. انهم ليسوا اطفال يموتون في الحرب، انهم ليسوا اطفال يموتون اثر حوادث ما، ليسوا اناس يلقون حتفهم في المعامل او اعمال البناء، انهم ليسوا اطفال يموتون اثر اعمال قتل... انهم اناس يموتون اثر امراض قابلة للدرء في حين توجد لقاحات... تعالوا وقسموا هؤلاء ٢٠ مليون على ٣٦٥ يوم وبعدها على ٢٤ ساعة، ومن ثم على ٦٠ دقيقة ووبعدها على ٦٠ ثانية... مع كل شهيق وزفير لنا يلفظ طفل في مكان ما من العالم انفاسه!

مع كل شهيق وزفير يموت طفل! اي خلال نفس المدة القصيرة التي شرعت بها في بحثي وحتى الان، رحل ٥٠٠-٦٠٠ طفل. ان هذا يحدث الان. بوسعكم ان تحسبوا انفاسكم وليتجسد لديكم عدد الاطفال الذين يلقون حتفهم في زاوية ما من العالم. ان موت طفل ليس فانوس يتم طفيه او رقماً يُشطَبْ. اعتقد ان اي منكم عاش مجتمعا متمدناً او شبه متمدن، ناهيك عن ان تكون اباً او اماً او تحب الاطفال، ستفهم ماذا يعني هذا. اي مع اي شهيق وزفير تحدث حفرة في حياة الكثيرين، ومع كل شهيق وزفير تحل مصيبة. كل لحظة بوسعك ان تتصور وقوع مثل هذا الحدث. مثل دقات الساعة بالضبط.

ان هذه الواقعة لاتنتصب امام انظارنا، ولكنها الاحصائيات الرسمية تبوح لنا بذلك. انها حقيقة المجتمع الذي نعيش. ضع جانباً اؤلئك الذي يُقتلون، ضع جانباً اؤلئك الذي يموتون، اؤلئك الذي لايصرف عليهم ريالين لتلقيحهم من مرض الجدري. فلنتعقب اؤلئك الذين يبقون احياء، اؤلئك الذين لم يموتوا، اؤلئك الذين اسعفهم الحظ ولم يموتوا في هذه المشقات، من المقرر ان يُجبر ٨٠-٩٠٪ منهم من المقرر للذهاب للعمل وتلقي الاهانات. اناس من المقرر ان يمضوا للعمل ويتلقوا الاهانات ٣٠ عام وليس مرة واحدة! ليس كما المشاركة في مسابقة كلادياتور حيث بالامكان الاطاحة بخصمك، وفي المطاف الاخير، الافلات من هذه المحنة. ٣٠ عام، كل يوم عليه ان يذهب صباحاً كي يجد شاريا لعمله ويفتخر انه حصل على من يستخدمه. ٣٠ عام هو العمر الوحيد الذي منحته الطبيعة للبشر، يصرفه على العمل وسماع الاهانات. يقولون له انك مواطن من الدرجة الثانية، محروم من ان يقوم بعمل سوى عمله في عالم اليوم.

بعدها، بعد ٣٠ عاماً، حين ينظر الى حياته-ان كل واحد ما قد بلغ الخمسين من العمر يعلم ان ليس لديه من القوى تقريباً ليبيعها بعد- في المطاف الاخير ينظر الى ان حياته قد مرت، اشتغل، والان عليه ان يفكر من الان فلاحقاً انه لايستطيع ان يعمل بعد، فكيف من المقرر ان يعيش. اذا تعتقدون ان هذه هي وضعية البلدان المتخلفة، خذوا التمدن الغربي بنظر الاعتبار.

في الوقت الذي رفعوا فيه الضرائب على الناس وجنوا ثروات خيالية، ولكن حين يفكرون بالحيلولة دون حصول خدعة ما، يضعون محدوديات اكبر ومراقبة اكبر على صناديق ضمان البطالة، يضعون التعقيدات اكثر امام من يحتاج الى ضمان دعم السكن. ان هذا مسار حياة الـ ٨٠٪ من الذين لم يموتوا.

قد يُقتلون او يلقى بهم في السجن إن اضربوا. ان اسسوا نقابة، فمن الممكن ان يكون مصيرهم القتل ان كانوا في ايران، ومن الممكن ان توضع الرقابة على هواتف منازلهم ان كانوا في السويد. وباحتمال كبير ان لاتطأ اقدام الناس اكثر من ٤ ايام و٢٠٠ كيلومتر ابعد من بيتهم في كرة ارضية بهذا الحجم!

ان الغروب الذي تروه في الافلام او تلك الزاوية الجميلة من العالم لايذهبوا الى رؤيتهما قط، لانهم لايستطيعون ذلك. لايتعرفون على اناس كثر، لانهم ينفقون يومهم كله من الصباح الباكر على العمل، والبعض الاخر يقضي كل الليل في مكان يسموه فرع انتاجي او اقتصادي، املين ان يتقاضوا مرتباً بوسعهم العيش من خلاله، اي يعود الى حياتهم قسم معين من ذلك الشيء الذي انتجوه. ان هؤلاء الناس لايحسوا الفن بالشكل الذي يجب ان يحسوه لانهم لايمتلكوا امكانيات تحقيق ذلك. ان هؤلاء الناس يفقدون مجمل متع الحياة ابان عملية ٣٠ عام عمل. انهم اؤلئك الذين بقوا على قيد الحياة.

اجرموا كونهم عمال! اجرموا ان عليهم ان يبيعوا قوة عملهم او انفسهم في سوق العمل. برايي، ان اشرف اناس العالم هم اؤلئك الذين يعملون. ثمة حفنة لاتحتاج الى هذه العملية، وتعيش كذلك، وربما انها تتمتع بجميع الميزات التي يحرم منها الاخرين.

بيد ان ٩٠٪ من سكان العالم، الذين لم يلقوا حتفهم في الطفولة مثلما ذكرت، سينخرطون في مثل هذه الحياة. ليس هذا على صعيد البلدان المتخلفة، بل انظروا الى حياة اناس مثلنا، حياة مواطن في السويد هذه التي هي احد مراكز التمدن الغربي الكبيرة. اذا فقدت عملك، سيعيدون طفلك من الحضانة الى البيت. وعلى طفلك عندها ان يودع اصدقائه وياتي الى البيت. وذلك لانهم يقولون لك لانه بوسعك الان ان تربي طفلك! اي ان طفلك هو انسان باعتبار عملك فقط! باعتبار عملك بوسعه ان يلعب ويضحك! انه المجتمع المتمدن لبداية القرن الحادي والعشرين!

ان الحزب الشيوعي العمالي والشيوعية يشرعان من هنا. بدون ماركس، بدون انجلز، بدون اي ما، يبدءان من هنا. يبدءان من ان مجموعة لاتريد هذا (الوضع). مجموعة تتمتع بعقل وشعور، وان هؤلاء الـ ٩٠٪ يتمعتون بالضبط بعقل واحساس ويقولون اننا لانقبل بهذه الوضعية. لايمكن ان يستمر هذا، لماذا يكون الوضع على هذا الحال؟ ان بوسع العالم ان يكون بوضع وشكل اخر، بالوسع تغيير هذا العالم، وان يسير صوب الجهة الفلانية. كان يمكن التمتع بمواهبه وهباته، انظر الى مابوسع التكنولوجيا، وبهذا الحد من العظمة، ان تعمل؟ لماذا لا استطيع ان اذهب للسباحة ان اردت ذلك؟ او هل استطيع ان احقق مرادي ان رغبت الذهاب لرؤية جدار الصين؟ او ان شئت رؤية صديق طفولتي في امريكا، هل استطيع ذلك؟ هل بوسعي الذهاب لمساعدة جماهير افريقيا في تنظيم حياتهم بعد طوفان اصابهم ان رغبت؟ لماذ علي ان انهض صباحاً كي اعمل في معملك؟ لماذا يجب علي ان اعمل؟ لانه اذا لم اتي واعمل، لن اتمكن غدا من دفع قسط البيت وتسترده مني.

انهم عبيد في المطاف الاخير. اخر المساء، بعد ان تعرضوا للاذلال وسمعوا الاهانات، تجمعوا حول النار يتسامرون وظاهراً انهم يستمتعون بالحياة. ولكن هم انفسهم يعرفون، ونحن الذين نرى تلك الحلقة التي حول النار على السواء نعرف ان بوسع البشر ان يعيش بشكل اخر، وان هذا ليس مقبولاً ولايمكن القبول به!

بالوسع ان تكون الامور شيء اخر. عقولنا مكتملة وناضجة. لسنا في مرحلة القردة. نعرف ان بالوسع العيش بشكل اخر. ليس هناك مبرر ان اتي للدنيا كي اعمل لديك. ومتى ما حصل لك اختلاف مع احد ما (وقصده راسمالية اخرى ما-م) ، تتركني في ساحات الالغام او اماكن اخرى بدون يد وراس وجسد (وقصده الحرب-م). ليس هذا امراً مبرراً! لماذا ينبغي علينا القبول بذلك؟ ليس ثمة مبرر ان يكون هذا مصير انسان اتي للدنيا؟

ياتي الانسان مرة واحدة لهذا العالم، اي مرة واحدة بوسعه تجربة وجوده. مرة واحدة! مرة واحدة فقط بوسعه ان يضحك، ان يخلق، ان ينتج، ان يعاشر. تصور مجتمع يحرم المرء فيه من اقامة علاقة جنسية. انه يبعث على الاستغراب والعجب اساساً ان يحرم المرء من المعاشرة. تصور مجتمع تحرم فيه امة من السفر. تصور مجتمع يُمْسَكْ بالطفل ويُلَفْ راسه بقطعة قماش، وذلك لانه ليس واثق من تعامله وسلوكه مع طفله.

تصور مجتمع اذا مرض المرء فيه ٣ اسابيع قد يُجبر طفله على ترك مدرسته ويضعه في مكان اخر. قد يجبر على ترك مدينته. ان هذا يجري الان في بلدان التمدن الغربي. والا فمن المكان الذي اتينا انا وانتم منه، لم تمنح الاجور لكثيرين منذ عامين، لامرء قام بعمله وسلَّمه ولم يستلم حقه فوق ذلك. ليس معلوماً عبر اي سبيل، وكيف، على هؤلاء ان يمرروا معيشتهم طبقاً لنظرية الطبقة الحاكمة؟

على صعيد اكثر اساسية، ينبض قلب الشيوعية هنا. صحيح ان السيدة كديور قد دخلت المجلس، بيد ان قلب الحزب الشيوعي العمالي ينبض هنا وليس له اي ربط بهم اساساً (حصول ٢ من خرداد على اغلبية المجلس). ان بحثي لايتعلق كثيرا ببلد واحد، انه يرتبط بكوننا بشر، وراينا ونعلم ان بوسع (وضعية حياة الانسان) ان تكون مختلفة. بوسع الانسان ان يعيش بطريقة اخرى. بوسع اساس المجتمع ان يستند الى اساس مساواة البشر، الى اساس الحرية التامة والى اساس رفاههم، بالوسع ان يكون التعاون –وليس المنافسة- اساس الحياة. ان هذه هي نقطة انطلاق الشيوعية. وطالما ان هذا لم يتحقق، فان الشيوعية قائمة، وليس بوسعهم انهائها. عندها سنرى تل من الكتب والمفاهيم والتحليلات والارث العلمي، اية اسلحة يمكن بها الشروع بمثل هذا النضال. وتتخذ الشيوعية جوانب تخصصية لها ايضاً، لكن ان تكون شيوعياً لايستلزم اي تخصص.

في الجلسة السابقة في ستوكهولم، قلت بالضبط: برايي اذا فتحوا سحّابة اي امرء يتمتع بادنى حد من الشرف، تجد شيوعي في داخله على اهبة القفز والوثوب. داخل كل انسان يتمتع بحد من الشرف، ثمة اشتراكي موجود فعلاً. انه كل امرء يعتقد ويؤمن ان هذه الوضعية لايمكن القبول بها بعد وان بوسع البشر ان يكونوا متساوين.

على اية حال، ان تغيير الاوضاع مما هي عليه الى مايجب ان تكون عليه هو فلسفة وجود الشيوعية والحزب الشيوعي العمالي. ننشد مجتمع يستند الى حرية الانسان، مساواته، سعادته ورفاهه. اناس بوسعهم ان يمضغوا "اللوز"، وينظرون الى السماء ويتمتعون. ان ٩٩٪ منا يحتاج الى امكانات لنيل السعادة. نحتاج الى مسكن، نحتاج الى ان نكون قادرين على التنقل في ارجاء العالم، نسمع اصواتا وموسيقى، ونحتاج الى مؤسسات صوتية، نحتاج الى ان نكون على اطلاع على اخبار بعضنا البعض، نريد ان نتصفح الانترنيت. نريد ان نكون قادرين على ان نلعب كرة القدم مع اي شخص نريد. نريد ان نلتقي اناس كثر. قد تكون السعادة بالنسبة لنفر مثل اللوز، ولكن بالنسبة لبقيتنا، السعادة ذات ربط مباشر بمساواتنا، بحريتنا ورفاهنا.

يبدء هنا عمل الحزب الشيوعي العمالي واي شيوعي اخر في العالم، وهنا ينبض قلبه. وعليه، فاننا حزب الاغلبية برايي. حزب جميع اؤلئك الذين لم يلقوا حتفهم اثر امراض يمكن علاجها. حزب جميع الذين يفكرون بان بوسع العالم ان يكون على شكل اخر.

نستطيع بعدها ان نتجاذب اطراف الحديث سوية حول تكتيكنا، اسلوبنا، سبيلنا المقبل وسبيلنا المنصرم –ولكن هناك امر يجب تثبيته هنا وهو ان الشيوعية يعني البشرية والبشرية تعني الشيوعية. برايي، ان هذه المعادلة هي التي تقف خلف وجودنا، خلف اعمالنا اليومية وخلف عدم شعور اناس منخرطين في هذا العمل بالارهاق حتى في اجواء قمعية.

يقبض امرء ما عمره ٢٠ عام اجوره ويعمل في شركة، لايبقى له مزاج وطاقة للعمل فيها. بيد ان اناس يعيشون ٢٠ عام تحت تهديد الاغتيال، التعذيب، الاعدام، والتشرد ولاينضب مزاجهم وتحملهم. لماذا؟

لماذا ان مدير شركة B.M.W لايبقى له تحمل ومزاج في عمله وحياته، بيد ان فعال حركة نسوية او فعال حركة عمالية او عضو الحزب الشيوعي العمالي لايترك هذه القضية؟ او ينفق من جيبه ايضاً، ومن حياته الشخصية ومن روحه... وذلك لان هناك واقع وحقيقة عميقة تقف وراء دعايتنا، تقف وراء كتب ماركس، وراء مفهوم الاشتراكية واهواء امثال BBC تحدد له صلته بالعالم. ان صلتنا بالعالم هي صلة تستند الى اساس تغييره وارساء مجتمع يرفل بالمساواة والانسانية. وعليه، اذا الانسانية موجودة في وجود احد، برايي الاشتراكية موجودة فيه، وان هذا هو راسمالنا الاساسي، وعلى هذا الاساس نعتقد ان المستقبل لنا.

ساتحدث لاحقاً عن قوتنا وقدرتنا سواء في ايران او على الصعيد العالمي. ان المستقبل لنا. وذلك لان لدينا وضوح فيما يتعلق بمايمكن ان يطلقوا عليه ذات الانسان-ذات الانسان قد لاتكون كلمة جيدة- يمكن تسميته بافق الانسان واماله، أي حين لايضعوا على راس الانسان السلاح. اذ ينشد كل انسان بوسعه التفكير بامان وصفاء لابناء جنسه الاشياء ذاتها التي ينشدها الحزب الشيوعي العمالي، التي ينشدها ماركس، التي تنشدها الاشتراكية. اذ من الممكن ا ن ياتي شيء على يد اي امرء مُجبر ومحروم. من الممكن ان يصبح فاشي، قد ينتحر، يصيبه الخبل، من الممكن ان يقوم بكل شيء.

ولكن انسان يعيش في امان ورفاه وبدون تناقض وبوسعه التفكير، لاينشد اي شيء برايي سوى المساواة والانصاف لابناء جنسه، وان مكان امرء يفوح منه هذا الانصاف والدعوة للمساواة هو صفنا برايي. ان هذه الجلسة وجلسات مثل هذه هي كي نوحد هذا الصف وكي نتمكن من الظهور في ساحة المجتمع. ان ايران، كديور، خامنئي، خاتمي هي صفوف صغيرة جدا من هذا الصراع. ان هذا الصراع عالمي، صراع عالمي وتاريخي وينبغي ان يبلغ مآله. والا ستحل عليك بين الحين والاخر هيروشيما اخرى، والا بين فترة واخرى تحدث لك يوغسلافيا، بيافرا اخرى، صومال اخرى. والا ستحل عليك بين فترة واخرى حرب عالمية، وقانون رضاخاني معادي للنقابات والاشتراكية. ينبغي ان ينتهي هذا الصراع لصالحنا مرة والى الابد. ينبغي ان ننتصر.

ولهذا جواباً على BBC، وجوابا على كل امرء يريد ان يرى معنى الحياة من زاوية الحزب الشيوعي العمالي، نقول ان هذا النضال مستمر. ناتي وننخرط فيه ومتى ما لا نستطيع فعلا، لانريد وننسحب، اذا تعبنا ونريد ان ننعم بالباقي من حياتنا وعمرنا بشكل اخر، نتركه. ان ذلك ليس امراً عجيباً. بيد ان الحزب الشيوعي العمالي هو احد احزاب حركة هي نفسها متواصلة ومستمرة.

اذا فتحتم برنامجنا، تجدون انه لايبدء من الشيوعية. يبدء من النضال التاريخي للبشر من اجل تحسين اوضاعه. وان النضال التاريخي للبشر من اجل تحسين اوضاعه، وعلى الاقل خلال قرن ونصف، لم يجد رد لديه سوى الشيوعية. انها حركة اناس قالوا الشيء ذاته الذي قلناه، ينشدون تلك الامور التي تحدثنا عنها... ثمة اناس ايضاً دون شك من الممكن ان ينشدوا ان ياتوا للسلطة كي يخفضوا الضرائب ٢ او ٣٪ او يزيدوها، او يجعلوا ساعة حضانة اطفال مجانية او لايجعلوا ذلك، ان يستلموا من المشتري ٢٥٪ من قيمة الدواء ام ٧٥٪- ان هذا هو ايضاً افق اجتماعي لاناس اخرين. ان افقنا الاجتماعي هو ماذكرته. نسعى اليه وان مهمتنا هي السعي اليه.

ان السؤال المطروح امامنا جميعاً هو ماهو هذا المجتمع، ولماذا لانريده، وحقيقة ماهو الشيء الذي ننشد ان نحل محله؟ ان كل امرء يفكر بالجيل الذي يليه، من الممكن انه طرح هذا السؤال على نفسه: ماهو الشيء الذي نريد تركه لهم؟ من المقرر اية حياة يعيشونها بعدنا؟

لو تُنتَزَعْ هذه الفلسفة وهذه الروح من الانسان، ستحدث قطيعة وانقطاع في مجمل التحرك التاريخي. اي شيء ننشده ونريد ان نتركه لغيرنا؟ اعتقد ان وجودنا ووجود الملايين من الناس الذي مثلنا في قاعات متعددة من العالم اليوم هم الذي لم يسمحوا ان تكون البربرية اكثر استحكاماً من هذا، ولازالت تسمح بان يكون للبسمة والاستمتاع بالحياة معنى. ذكرت اذا من الممكن في المطاف الاخير ان نجتمع حول نار ونضحك سوية، اذا بوسع الانسان اليوم في خضم كل هذه المشقات، الحرمانات، انعدام الامان، كل هذه التهديدات، يحس بالسعادة بعض الاحيان، فان هذا دليل على الامكانية القوية للانسان المعاصر لان يكون سعيداً.

اناس بوسعهم، في هذه الوضعية العالمية الراهنة، بهذه الوضعية الاقتصادية، بهذه الوضعية النظامية والعسكرتارية وغيرها للعالم، بهذه الحرمانات والمشقات، ان يكونوا محبين لجنسهم، ويقوموا باعمال بطولية ويبينون عن نماذج من الانسانية، ومن المؤكد اننا جميعاً نتعقبها، فَكِّرْ وتامل اي انفجار للخلاقية والانسانية سنغط بها في مجتمع حر!

ان هذا هو هدف الحزب الشيوعي العمالي. ان الحزب الشيوعي العمالي لم يبدء مع خميني والشاه. لم يبدء الحزب مع ... في الشرق الاوسط. ان الحزب الشيوعي العمالي هو امتداد لتقليد اشتراكي عالمي من اجل مساواة الانسان ورفاهه وحريته، انه جزء من اممية عمالية- اشتراكية عظيمة. صحيح انه لايمثل ادارة الان وعلمه لايرفرف فوق اي بناية، لكنه موجود وهو الذي اتى بكم الى هذه القاعة، عظيم وليس بوسع اي شخص المقاومة امامه اذا اتحدنا.

دعوني اعود الى ايران لاتحدث قليلا عنها.

قبل ٢٢ عام عدت الى طهران مثل الرفيق اصغر، وان يكن هو قد خرج من الزنزانه وانا عدت من بريطانيا. في تلك المرحلة التي كان اصغر فيها في السجن، كنت في بريطانيا اقرأ ماركس، وللانصاف، قرأت جيداً ايضاً وكثيراً، كنت اقرأ كل ما تقع علي عيناي وكنت شيوعياً. ان نفس الكلمات التي اقولها الان، كانت كلماتي حينئذ ايضاً.

بدأت الثورة. الان يهتفون بشعارات: " المدافع، الدبابات، ليس للاعتصام من اثر بعد" (يقصد انهم خرجوا للشارع-م) وقصدهم اعتصام الملالي في قم، في ذلك الوقت كنا نرى في التلفزيون يقولون :"المدافع، الدبابات، ليس للسلاسل من اثر بعد" قلنا: "ان هذه ثورة، وليست لعب. ينبغي ترك الدروس والواجبات الدراسية، يجب بيع السيارة او اذا تعذر بيعها، اتركها امام باب الدار، واذهب. عدت وشاركت في هذه الثورة. كنا جمع من ٣-٤ افراد. انا عدت اولاً، وكان من المقرر ان ياتي بعدي حميد تقوائي واخرين باسبوعين. عدت بوصفي شيوعي. قلت اني قرات الراسمال، الايديولوجية الالمانية والبيان الشيوعي. قدمت محاضرات عن الراسمال في وقتها للايرانيين. عدت الى ايران بوصفي شيوعي وكلي اما ان انظم الى الحركة الشيوعية في ايران، وان اعمل في هذا الصراع العظيم الذي ابتدأ.

في ذلك الوقت، كنت في جامعة لندن اعد اطروحة تخص "التنمية الراسمالية ودور الدولة في ايران". كان هدفي ان اكتب نقد اشتراكي فيما يخص التنمية الراسمالية في ايران. عدت الى ايران وكتبت رسالة الى الاستاذ الاستشاري ذكرت فيها ان الشيء الذي اود ان اكتب عنه، يجري الان هناك. ولهذا فاني لا اعود. شكراً على لطفك، احذف اسمي من الجامعة.

ان ماكان يجري هناك، ليس هو الشيء الذي فكرت به. اننا نرى في الكتب، من اخر التاريخ، لينين وماركس وبيبل وتروتسكي وماو و... كلهم بهيبتهم وقيافتهم المنتصرة. لقد كانوا عمالقة. تنظر الى لينين وهو في منصب رئيس جمهورية المجالس. ذهبنا هناك ولم نجد للشيوعية وجود خارجي! كان تصوري للشيوعي هو الشخص النصير للبيان الشيوعي ويتحدث بنفس الكلام الذي اتحدث به الان، بالاضافة الى كل تلك المفاهيم والكتب بالطبع.

ان الشيوعية التي وقعت ايدينا عليها وانجبرنا على ان نحتضنها، اناس كانوا يقولون "البرجوازية تابعة لحد نخاع العظم". لم نجد اقرب من هؤلاء! في ايران، في تلك الايام، لم يكن هناك شخص يقول" عاشت الثورة البروليتارية، عاش الحزب الشيوعي، عاشت المساواة، عاشت الحرية، ليمحى العمل الماجور، عاش تاسيس الحزب الشيوعي، عاش العمل السري-العمل العلني، عاشت المجالس العمالية..." لم يكن هناك حديث عن هذه! اذ تقول جماعة "السلام على المجاهد"، وقد كان الدينيون من يقول ذلك، وجماعة تقول "تحية للفدائي"-وقد كان اليسار من يقول ذلك. وعليه، عليك ان تجد شيوعية بين الاختيار التاريخي لما بين التحية للفدائي والسلام على المجاهد. لقد كانت الشيوعية الايرانية –حين ننظر اليها لنرى ماتقول- شيوعية التحية للفدائي. كما ذكرت ان اقرب شيوعية كانت تلك التي تتحدث عن "البرجوازية الايرانية تابعة لحد نخاع العظم"- كان احدهم، واسمه تقي شهرامي، الذي هو من القسم المنشق في المجاهدين والذي كان له، اي القسم، مشكلات اخرى ايضاً بالطبع- ولكننا نظرنا وقلنا دع لينين وتروتسكي وروزالكسمبورغ وغيرهم جانباً، ان الشيوعيون في هذا البلد يستعملون هذه الصيغة. لم يكن هناك اكثر من هذا.

لم يكن ثمة وجود لحزب شيوعي عمالي طرج برنامجه ويقول اني ابغي انتزاع السلطة واقوم بهذه الاعمال، ان هذا هو تكتيكي وهذا هو افقي وسياساتي، هذا رايي بالنضال المسلح، المجالس، النقابات، المسالة القومية، قضية المراة، الاجهاض، الفحشاء، عقوبة الاعدام، حقوق المدانين، حقوق المتهمين و... ولهذا كنا مجبرين على احتضان اول امرء كان يقول "البرجوازية الايرانية تابعة لحد نخاع العظم" ونقول: ها نحن وجدناه! انهم شيوعيوا ايران! وبدء جدال وصراع، حرب، سعي مفعم بالمصاعب والمشقات لوضع الشيوعية على خارطة ايران. استغرق ذلك عقدين ونيف.

ان الحزب الشيوعي العمالي هو ثمرة هذا المسار. قبل ٢٠ عاماً او ٢٢ عاماً، حين ذهبت بوصفي انسان شيوعي للقيام بفعالية ونشاط شيوعي-ولم اكن شخص ادعي امراً ما- وبالطبع لا ادعيه هذا الان ايضاً، اردت ان اذهب واعرف نفسي بمنظمة شيوعية واقول ان لدي هذه الامكانات، واستطيع مثلاً ان ابيع مجلتكم بكذا مكان، بوسعي الحديث في المكان الفلاني عن العقائد الشيوعية، لم يكن هذا التنظيم موجوداً. ليس هذا وحسب، بل لم يكن ثمة وجود لمثل هذه الحركة. ان الحركة التي كانت موجودة هي الجناح المتشدد للتيار الشرقي-القومي- الاصلاحي الايراني المتشدد الذي يريد ان تكون لايران صناعة فولاذ، وان نظام الشاه تابع للامبريالية ودميتها وينشد حكومته "المحلية". وحين كنا نسير في ساحة فوزية مع نفس قادة ذلك التيار الذي يتحدث عن "البرجوازية تابعة حتى نخاع العظم"، حيث كان يشارك باسداران اللجنة-كانوا يسموهم جماعة اللجنة- بملابسهم المرقطة، عاد صديقنا ليسالني: الايحل الدفء في جوانحك حين تراهم؟! قلت ماذا تقول اخي؟! ان ماهو يقف امامنا هو الرجعية الاسلامية!... ساحة فوزية، شباب اللجنة!!

لقد كانوا مناهضين للشاه فقط، ومناهضين لامريكا فقط بحد كان كان كافياً معه ان تلبس جماعة مسلمي اللجنة ملابس خاصة ومافوق نظامية ويقفون هناك والبندقية على اكتافهم حتى يعتقدوا ان هدفهم قد تحقق! ربما ان سؤال BBC كان يصح عليه: والان مع تمنطق رجالات اللجنة السلاح في ميدان فوزية ، أيواصل ايضاً "اتحاد النضال في سبيل امال الطبقة العاملة" و"جماعة الكفاح من اجل التحرر" و"منظمة رزمندكان" فعاليتهم؟! برايي، ان توجيه مثل هذا السؤال لهم يتمتع بنوع من الموضوعية. لقد كان هذا حال الشيوعية ووضعها في ذلك الوقت. ولكن في المطاف الاخير، كانت عملية الثورة بدرجة من السرعة غير معه كل تلك القضية، تطورت الافكار الماركسية بسرعة، تطورت الحركة العمالية بسرعة، وظهرت خلال ٤ او ٥ سنوات نوع من الشيوعية يمكن الانخراط في صفوفها فعلاً.

على اية حال، كنا محرومين من ذلك الوضع. اذ يواجه اليوم شاب عمره ٢٦-٢٧ عام، بنفس عمري آنئذ، يعود الى ايران وضعية مختلفة. ان هذا تم بفضل العمل الذي قام به الكثيرين من هم في هذه الصالة، وبفضل عمل قام به اناس ليسوا في هذه الصالة، واخرين لم يتمكنوا من الحضور. ان شيوعية ايران اليوم موجودة على الخارطة بوصفها تيار ذا تنظيم ومنظمة، ذا برنامج وافق واضح. موجودة في ايران، موجودة، وبالوسع الانخراط فيها.

ان مجمل البحث المتعلق بماركس، الميل التنازلي لقيمة الربح، نظرية الازمة، البرجوازية، البروليتاريا، اجنحة الحكومة، الامبريالية، الاشتراكية الامبريالية، اطروحة العوالم الثلاثة كانت كلها من اجل ان نتمكن يوماً ما من تاسيس حزب شيوعي عمالي موجود على الخارطة، في الشارع، ويمكن الانضمام لصفوفه بدون ان تكون هناك أي حاجة لطي هذه المراحل! لسنا جمع زاهد، درويشي، وصوفي واهل فئة وطائفة دينية نعتقد ان على الجميع ان يقطع كل المسار الذي قطعناه لحد الان. على العكس من ذلك، كنا جمع لامناص لنا من دخول ذلك الجدل والصراع، لاسبيل لنا سوى ان يكتب تلك الاشياء، لاسبيل لنا سوى ان يخوض تلك الجدالات، لم يبق امامنا سبيل سوى المفر، لم يبق سبيل امامنا سوى الاختفاء وان نقوم بالعمل السري... كل هذا كي ياتي يوماً ما يكون فيه هناك حزب شيوعي عمالي مقتدر لايكون مجبراً على القيام بالعمل السري. ليس شرطاً ان تكون اكاديمي علوم حتى تكون عضواً فيه، ليس شرطاً ان تكون قد قرأت الراسمال ٣ مرات من الجلد الى الجلد حتى تصبح عضواً فيه. بوسعك، اذا كان قلبك ينبض في المكان الذي ذكرته- اذا تنشد مساواة البشر- اذهب وانضم اليه، انه موجود في راس المحلة، فقط املأ استمارة العضوية وانضم اليه. شارك في تظاهراته واعتصاماته، كون معه في المجالس، واذا اقتضت الضرورة انخرط في حركاته المسلحة. بالوسع الانضمام اليه! لقد كان الامل الذي يحدوني قبل ٢٠ عام هو ان اذهب والتحق بشيوعية ايران وانخرط في هذه الحركة التي تسير امام انظاري، ولا اعود للدراسة. لم يكن الامر كذلك، ولكن بوسعه ان يتحقق هذه المرة. الان حين يسمع امرء من السويد او المانيا او بريطانيا شعار" المدفع، الدبابات، سلسلة...: ويقول: "ساذهب الى ايران"، فانه يتمتع بهذا الاختيار الهائل وبوسعه ان يرى هذا الاختلاف التاريخي الكبير في مكانته: بوسعه الانضمام الى حزب يعرف عنه ماذا يقول من الالف الى الياء، وماذا يريد، ومع من وباي شيء يختلف، عمن يدافع، وعمن لايدافع، عن اي شيء لايألوا جهدا ولايتماهل ذرة، من اجل اي شيء يسعى. بالوسع الانضمام اليه وان يمضي طبقاً لقوانينه ومقرراته ويصبح قائده.

لا زلت لا اعرف ماذا عليك ان تفعل اذا اردت ان تكون قائد فدائيي الشعب؟ ماذا اعمل اذا اردت اليوم ان اذهب لاكون عضو اللجنة المركزية لمنظمة راه كاركر (طريق العامل-م)؟ اذا اردت الانضمام الى حزب الامة واصبح رئيسه، ماذا علي ان اعمل؟ في الحزب الشيوعي العمالي، انضم اليه اليوم، وغدا هناك مؤتمر، اذهب واحصل على الاصوات، واذا حصلت عليها تنضم الى لجنته المركزية، او يشجعوك على ان تصدر جريدتك، تدير جريدتك، او امضي لنصب اذاعة. قل كلامك وضع صورتك عليه، وذلك لانكم فعالي ذلك الصف الاشتراكي الانساني العظيم الذي ننشد.

يوجهون اللوم لنا لماذا تضعون صور فعالينا على صفحات الجرائد! لدينا الة تصوير ولدينا خيار لمن نلتقط في هذا العالم صورة. لمن يجب ان نلتقط صورة برايكم؟ اذ يطالبنا الشخص نفسه الذي يضع صورة خاتمي على جريدته: لماذا تضع صورة شيوعي قُحْ يدافع، ولايألوا جهداً في الدفاع، عن حقوق المراة، حقوق العمال وحقوق الاطفال اسبوعياً على جريدتكم؟! انهم يستهزئون بنا!

انه حزب شيوعي عمالي لشيوعية لاتجامل احداً. شيوعية ليس لها شبيه بالشيوعيات السابقة في ايران. ليست ذات شبه بالمجاميع اليسارية الاخرى. انه حزب سياسي. بَسَّطَ الامور. حَوَّلَ الشيوعية الى قصة صراع اجتماعي. حزب يتحدث عن انه ينبغي عليه ان يكون مقتدراً. لاننشد تاسيس فرقة للتملق المتبادل، اطراء احد للاخر، كم عددنا في هذا الصف، ان هذا هو الموجود، وكلما كان اكثر فهو افضل، وعلى كل امرء يشعر بالتناغم معنا ان يكون في هذا الصف، وننشد ان نكون من الكثرة حدِّ بحيث نهجم وننتزع السلطة، ولانجامل اي شخص ايضاً. يسموه استالينية! ليكن كذلك. ليكن كذلك! لا اعرف لماذا انه حين ياتي دورنا، نكون احد "الاسماء" التي يجب تخطيها وعبوره، ولكن يمكن القبول بالسيد خاتمي كرئيس للجمهورية؟ لماذا بعد ٣٠ عام، يجب ان لايكون للحزب الشيوعي العمالي اهلية ومقدرة تاسيس الحكومة؟ وذلك لمبررات نظرية. اني ادرك انه لامر معلوم اذا لم ينل الاصوات او لا تدعمه الجماهير، حسناً فانه لن يشكل الحكومة. ولكن وبمبررات نظرية، ليس على الشيوعيين ان ياتوا للسلطة؟! لماذا؟ نغير اسمنا وناتي للسلطة! عندها ماذا سيعملون معنا؟!

برايي، تناسب هذه اللعبة التي شرعت بها الطبقات الحاكمة معنا مجاميع يسارية فرقوية، فئوية والتي هي بالضبط بقايا نوع يساري اخر. انه حزب شيوعي عمالي، حزب لايجامل، خَبَرَ الدنيا، ويقرأ كف الطرف المقابل، يسعى للسلطة السياسية. ينتصر حزبنا بالثورة.لانه باي ترتيب، باي انتخابات، ننتزع منهم الاصوات. لايتمكنوا منا الا بالانقلاب. لاندحة لنا من الانتصار بالثورة. وعليه، انه التحسر على يوم ما ناتي للسلطة عبر خديعة وتصويت انتخابات شكلية او انقلاب عدة جنود موالين لنا، ويخرج كل هذه من اذهانهم. ان هذا ليس ممكناً. لوكان ممكناً لقمنا به بالطبع!

لو وجد سبيل مباشر للسلطة السياسية، لكنا استفدنا منه. بيد ان المجتمع البرجوازي في حالة تاهب بوجه الشيوعية. وعليه، اني على ثقة ان الـ٩٠٪ من اؤلئك الذي يلقون حتفهم جراء امراض قابلة للدرء هم معنا. اننا حزب اؤلئك الناس وجئنا للميدان، واذا تمكنا من الانتصار عندها يكون قد انتصرنا. ان هذه الجلسة هي دعوة ونداء لهذا النصر.

على اية حال، كان هدفنا خلال الـ ٢٠ عاماً المنصرمة هي ان نضع حزب في متناول ايدي العامل، في متناول التحرري، في متناولكم، كي نستطيع ان نتوحد عبره. انه اداة للنضال في سبيل تلك الانسانية والنزعة الداعية للمساواة التي تحسون بها في قلوبكم، وتسعون لتبيانها والتعبير عنها بطرق مختلفة... تأملون ان يفوز الاشتراكيين الديمقراطيين في السويد، في الوقت الذي تدركون من صميم قلبكم انهم المستنقع نفسه وذلك لان ليس لدى انسانيتكم منفذ اخر للتعبير عن نفسها.

تأملون ان ينظم مغني يساري حفلة يسارية وذلك لان ليس لانسانيتكم اي منفذ اخر للتعبير عن نفسها. ولكن بوسع انسانيتكم ان تجلب ثورة اجتماعية بشرط ان هناك حركة سياسية موجودة، احزاب سياسية موجودة تنظم هذه القدرة العظيمة وتبلغ بها غاياتها. ان هذا هو هدفنا وهو فلسفة وجود حزب شيوعي عمالي.

عليَّ ان أُذَكِّرْ في المطاف الاخير ايضاً ان الكثيرين يهزوا اكتافهم هزءاً بكلامنا وحديثنا ويقولون: ماهو امركم؟ انكم تبالغون بانفسكم، لستم شيء يذكر. ان من يقول ذلك هو نفسه من شد ساعد اعدائنا الان بالمطاف الاخير. ان الذين يقولون عنا "لستم شيء يذكر" هم اؤلئك الذين "ليسوا شيء يذكر" انفسهم الذين قالوا انكم شيء لايذكر. واني ارد على الشخص يقول مثلاً: "انكم لاتتعدون حفنة او لماذا ان جريدتكم بهذا الحال" لماذا ترمي بمكانة مكاسب ومنجزات سجن اوين FBI ،، CIA، والسافاك علينا؟ شننت الحملات عليَّ، قتلتني، حرمتني من الارتباط اليومي بالناس، نصبت لي اعواد المشانق، تطلق الاكاذيب عني للجماهير من على المنابر ووسائل الاعلام، وعلى اية حال اعلنت عدم قانونيتي، بدون ان تدعني اعقد أي صلة بهيئة ادارة المجمع الصناعي-النظامي الفلاني، دون ان يصل صندوقنا قرش واحد من السماء، ارسينا تيار بهذا الاتساع فقط في احد اوربا، احد مدن اوربا نعقد فيها جلستنا رفاق.

لماذا ترمي بقيافة السافاك علينا؟ انك تقول على طرف ما انكم لاشيء يذكر. اقول، عزيزي، لسنا الان شيء وذلك لسبب بسيط لانهم قمعونا، اصدقائك قمعونا. اسمح لنا ان نقوم بفعالية في بلد ما، اسمحوا ان نقوم بنشاطنا دون خوف من الاغتيال والاعدام والتعذيب، اسمحوا لنا ان ننصب اذاعتنا وتلفزيوننا،امنحونا جزء من الاموال التي تاخذوها من الجماهير مثل اي مكان اخر في العالم لاننا ايضاً جزء من الجماهير في المطاف الاخير. لاتشنوا حملتكم علينا ولاتقتلونا ولاتطلقوا الاكاذيب بحقنا، لاتغيروا موجة الاذاعة ولاتضعوا برنامج اخر على اذاعتنا، عندها سنرى بعد ٦ اشهر اي امرء في الميدان.

رفاق! قارنوا الحزب الشيوعي العمالي باحزاب ماقبل الثورة الشيوعية، بالبلاشفة قبل ثورة شباط (١٩١٧-م)، بالماوية قبل ١٩٢٨، من هو الاقوى؟ اننا الان اقوى ام البلاشفة عام ١٩١٥؟ اننا الان اقوى ام الحزب الشيوعي الصيني عام ١٩٢٦؟ انننا الان اقوى ام ANC قبل ان تبلغ حنوب افريقيا ازمتها ومازقها؟ من الاقوى؟ في اوضاع مماثلة، في اوضاع يكون فيها بوسع ايدينا ان تصل الجماهير بنفس الدرجة، سيكون هذا الحزب اعظم احزاب العالم. اني اقول هذا،ادافع عنه، يعني اسعى لاثباته. برايي، ليس ثمة ادنى مبرر لان لايكون الامر كذلك. انكم سمحتم ببث اذاعي نصف ساعة يوميا، يتصل بك الناس ويقولون انك اشعلت نقطة امل في قلبنا. نحن ٤٠ شخص هنا ونسمعه سوية. ويريدون ان يعرفوا من نحن، ماهي عليه هيئاتنا، متزوجين ام لا؟ كم طفل لدينا؟ يريدون ان نتحدث اكثر واكثر.

تذهب مجموعة نظامية لنا لاطراف مدينة مريوان، يلتف الناس حولها ليرون ماذا تريد ان تقول. أتعتقد لو اخذوا بهزاد نبوي الى طهران، هل سياتي احد للرد على تحيته؟ يقال ان مليون و٢٠٠ الف ونيف قد صوتوا له. لقد قلت هذا بالضبط في برنامج اذاعة BBC، حين تحدث داريوش همايون وخنبابا تهراني عن ان الجماهير اتخذت قرارها في الانتخابات، اجبتهم بالقول: اعزائي لو رشحت نفسي، انتم انفسكم او رضا بهلوي، لن ينال اخ السيد خاتمي على ٥ اصوات في اي مكان كان. ان القصة هي هذه.

انها منظمة ماقبل الثورة مقتدرة. رفاق! ان التطور الذي نمر به الان، سيتضاعف الاف المرات في الشهرين الاولين للثورة. لانجامل احد، ومن اجل ذلك سننتفض. لسنا تيار خجول يخاف من نيل السلطة. لسنا تيار من اجل الحفاظ على ذكرياتنا المشتركة في السجون، ننشد تحقيق امر ما. اذا لم يفهم احد ذلك من الحزب الشيوعي العمالي لحد الان، فانه لم يلق نظرة عليه ولم يعرفه بعد. ان الحزب الشيوعي العمال ينشد القيام بعمل ما.

لقد ذكر اصغر كريمي ان اول يوم تطال يد هذا الحزب السلطة، حتى شبر من ارض بلد، سيعلن في اليوم الاول نفسه مجمل برنامج عالم افضل بوصفه دستور البلد. ان هذا ليس وعد انتخابي. انه برنامجنا، معنى حياتنا مثلما ذكرت لكم.

على اية حال، لقد تحدثت كثيراً. ارغب فقط ان ترجعوا الى انفسكم والى هذه الحقائق والوقائع القائمة الان. اننا على اعتاب مرحلة جديدة في ايران. لن تفلت الجمهورية الاسلامية رقبتها من هذا الوضع المميت برايي. اتخذت الجماهير قرارها لان تقوم بامر ما تجاه هذا النظام. بيد ان ماتعمله الجماهير تجاه هذا النظام مرهون بصورة تامة بماهي الادوات الموجودة لاجراء التغيير في ذلك المجتمع.

اننا احد اهم الادوات. في عام ١٩٧٧ (اي عام ماقبل الثورة-م)، غدا الجميع سياسيين، غدا الجميع اعضاء تنظيمات. كما ذكرت، لقد انخرطت مع اناس استل القران تواً من الرف ووضعوا رأسمال ماركس مكانه –لم يقرأ اي منهما كذلك، وربما يكون قد قرأ القران اكثر- ولكنه فقط يؤمن بان البرجوازية تابعة لحد النخاع. انضممت لهم، تركت دراستي و... وانخرطت معهم. قام الالاف من مثلي بمثل هذا العمل.

ان الان في عام ١٩٧٧ جديد. ينبغي الانضمام للحزب، ينبغي التشمير عن السواعد، واذا كان امرء ما بعيداً خلال الـ ٢٠ عاماً... لاياتي الكثيرون للانضمام الينا لانهم كانوا موالين لمنظمة رزمندكان سابقاً...!! ان مامضى يجب تركه للماضي، ينبغي عبوره وتخطيه!

رفاق! في ايران اليوم ثمة حزب سياسي يمكن الانضمام اليه والقيام بالثورة عبره. من الممكن ان نخفق. انه ليس "شرط السكين" من الممكن ان يلحقوا الهزيمة بنا، يقمع بعض منا ونلوذ بالفرار. ولكن ينبغي الانضمام الى الحزب والبدء بهذه العملية والصيرورة والا سيحدد حفنة اوباش حياة ٦٠ مليون انسان لـ ٣٠ عام اخر. ان هذا هو ندائنا لكم وكلي امل انكم جميعا تنشدون ذلك وتاتون لنكون في صف واحد.

اشكركم جزيل الشكر.


ترجمة: فارس محمود
تمت الترجمة عن النص الموجود في سايت منصور حكمت.


Arabic translation: Faris Mahmood
hekmat.public-archive.net #4033ar.html