Status             Fa   Ar   Tu   Ku   En   De   Sv   It   Fr   Sp  

الحزب الشيوعي العمالي العراقي وضرورة قيادة المجتمع

رسالة الى ريبوار احمد



عزيزي ريبوار

تحيات حارة. اتمنى ان تكون في احسن حال بالرغم من جميع الضغوطات والانهماكات: اشاطرك ايضاً القلق وعدم الارتياح الذي طرحته في رسالتك فيما يخص عمل الحزب العراقي. ليس ثمة شك في انكم تقومون باعمالكم في محيط سياسي- اجتماعي راكد. انها وضعية استثنائية. ان تحويل كردستان الى صالة انتظار، تحويله الى مجتمع يفتقد الى اية دينامية اقتصادية ويفتقد الى افق للتقدم، مجتمع لايسعى الا الى احالة امر اليوم الى الغد هو اساس وجذر قلة اللهفة السياسية للجماهير والرفاق على السواء. لكن هناك عاملين اخرين لهما دور في خلق وضعنا هذا.

اولاً، مسالة القيادة. لا اقصد بالقيادة قيادة تنظيمية وحزبية، بل اقصد مسالة بروز قادة شيوعيين بوصفهم ساسة معروفين للمجتمع وممثلي تحول راديكالي وافق وبديل في المجتمع. اذ لاينظر مجتمع العراق عموماً وحتى كردستان العراق الى قادة الحزب الشيوعي العمالي بعين ساسة وقادة على صعيد اجتماعي. انهما يعرفوهم بوصفهم قادة تنظيماتهم، كأناس شرفاء وراديكاليين وثوريين. ولكن لايُنْظَر اليهم كساسة وقادة بوسعهم ان يكونوا بديلا لامثال صدام والطالباني والبارزاني. ان نفوذ القيادة التنظيمي والحزبي وقدرتها على حشد وصيانة استقامة التنظيم وصيانة بشاشته تابع للشخصية والمكانة الاجتماعية لتلك القيادة. اذ يمكن ادارة منظمات صغيرة بقادة تنظيميين صرف، بل وحتى تامين استمرارية عملها. بيد ان منظمة بابعاد الحزب الشيوعي العمالي العراقي ينبغي ان تتمتع بقادة ذو نفوذ في المجتمع. عندها ستلتف صفوف الحزب حول هذه القيادة وتُسَّيرْ خططها. برايي، ان قيادة الحزب العراقي، وعلى الرغم من المساعي الحثيثة لرفاق مثل ناسك وطاهر وانت نفسك واخرين على الصعيد العلني وكسبوا محبوبية ملحوظة، الا انها لم تُعَرِّفْ نفسها للجماهير بوصفها ساسة اساسيين للجناح اليساري من المجتمع. حتى اني لست واثقاً من ان القيادة تنظر لنفسها وفق ذلك. يتحدث القسم الاول من رسالتك عن انك وعدد من الرفاق سرتم قدماً بهذا الاتجاه. ينبغي مواصلة ذلك. اذا جرى هذا التقدم وتم تثبيت مكانتكم كساسة من الطراز الاول في الحياة السياسية للبلد، سيغدوا عندها التنظيم الحزبي، تنفيذ الخطط، تنامي الحزب، واحلال القوى امراً بسيطاً جداً لكم. سيُسَيِّرْ الحزب اموره. ولذلك، اذا كانت هذه القيادة في صيرورة تشكل وتكوين، فاني على غرار رحمن (حسين زادة) لايساورني قلق كبير من بطيء وقلة همة الاقسام الوسطية. برايي، ان ۴-۵ من القادة الشيوعيين ذوي المكانة في المجتمع العراقي، في مجتمع كردستان، سيحشدون حولهم الشيوعية العمالية في هذا البلد ويوحدوها. لازالت العقدة تكمن في تكوين هذه القيادة برايي.

يتمثل النقص الثاني، برايي، بغياب فكر ومنهج استراتيجي واضح لدى راس الحزب في العراق. يجب ان نعرف بدقة عبر اي مسار وعبر اية مراحل نقتدر. نحن في اية مرحلة من هذا المسار، وماهي متطلبات الحركة في هذه المرحلة. ماهي العقد الاساسية. ان التمركز والتمحور حول اي مسالة بوسعه ان يدفعنا نحو التقدم. يجب ان نتحلى ايضاً بنفس هذا الفكر الاستراتيجي فيما يخص مسالة بناء مؤسسات الحزب وقواه. ما هي عناصر وهيئات حزب مقتدر يجب ان نتحلى بها ولانملكها الان، وفي خضم اي مسار يمكن بناؤها. برايي، ينبغي على قيادة الحزب العراقي ان تُشَّرِحْ في ندوة من ۵ ساعات الافق والمسار الذي لديها للحزب والطبقة العاملة في العراق بجزئياتهما. ليس لدي تصور حتى الان حول وجود هذه الرؤية الاستراتيجية لدى قيادة الحزب العراقي، حول الى اين نمضي وفي اية مرحلة نحن من هذا المسار الان.

ان ظهرت في الحزب العراقي قيادة تنشد انتزاع السلطة من ايدي الصداميين والطالبانيين، ان ظهرت قيادة لديها افق واضح بخصوص عملها ولديها خطة وتطرحها للمجتمع والحزب، سيحالفها النجاح بغض النظر عن حال التنظيم ووضعه. اننا ننشد قيادة ذات افق واستراتيجية وسلسلة اولويات ويعد امر متابعتها امر حياتها.

اللاعبون الاصليون في الميدان هو انتم. ولكن قد يكون بوسعنا مد يد العون. ان اقتراحاتي بهذا الصدد هي:

۱ـ تاسيس مركز لبحث المسائل الاستراتيجية للشيوعية العمالية في العراق. سادون قريباً نداء ذلك وارسله اليكم. سيتالف اعضاء هذا المركز من المكتب السياسي للحزب العراقي واحتياطييه، كورش، رحمن وانا ومظفر (محمدي) وفاتح شيخ وحمة سور (حسين مرادبيكي) واسد كلجيني.

يناقش هذا المركز المسائل الاجتماعية والسياسية والتنظيمية للشيوعية العمالية في العراق بصورة منظمة، ويدون مناهج عمل ووثائق على شكل اقتراحات للحزب العراقي. بوسع هذا المركز ان يكون اطار لاشراك مساعينا ومساهمتنا في اعمالكم، بوسعه مد يد العون لخلق انسجام قيادتنا في العراق، بوسعه ان يكون منبر لظهور قادة الحزب العراقي على صعيد اكثر علنية واجتماعية، بوسعه ان يوضح افقنا اكثر ويمنح الحزب طاقة.

۲ـ في اول خطوة، اعتقد ان على هذا المركز ان يدون منهج عمل (بلاتفورم) فوري للحزب. ينبغي، برايي، ان نمركز الامور في عدة مسائل اساسية لهذه المرحلة. وعبر هذا البلاتفورم، نحل الحزب في بيوت جميع الناس. ان المسائل الاساسية لهذا البلاتفورم برايي هي: اسقاط النظام العراقي، انهاء الحصار الاقتصادي على العراق، قضية معيشة جماهير العراق، حسم المصير الحقوقي لوضع كردستان العراق (مسالة الاستفتاء والاقرار الدولي به)، سلطة الاحزاب ومسالة الحكومة في كردستان، الحركة المجالسية، تهميش المعارضة الدينية، الدفاع عن حقوق المراة. اذا حددنا مثل هذا البلاتفورم، ونركز مجمل طاقاتنا الدعائية والاكسيونية-الحركية للحزب حولها لعدة اشهر، واذا دفع قادتنا بصورة مستمرة بهذه المسائل الى مركز الجدل والصراع في المجتمع، فانه سيساعد بخلق تصور سياسي، ملموس ومتدخل في الصراع الاجتماعي عند جماهير العراق عنا وعن قادتنا، ويرون فينا قوة موجودة ذات برنامج عمل فوري لانقاذهم من هذه الوضعية الراهنة. وبموازاة هذا البلاتفورم السياسي، يمكن تعقب الامور الدعائية والتنظيمية وغيرها من قبل ماكنتنا الحزبية بصورة افضل بدرجات.

۳ـ بموازاة هذا البلاتفورم السياسي، ينبغي ان تكون لنا خطة تنظيمية دقيقة لتشكيل الهيئات وبناء الحزب وتنامي قدرة كوادره ولجانه وتنفيذ هذه الخطة. بوسع "المركز" ان يكون اطار لمناقشة وتبادل وجهات النظر لتحديد هذه الاولويات كذلك.

ان مفتاح هذه القضية هو ان نتمكن من صياغة قيادة تسير على الخط الصحيح، منسجمة في رؤيتها ومزودة باستراتيجية واضحة وتظهر بطاقة عالية بوصفها ينشد السلطة في وسط ميدان السياسة. اذا صيغت هذه القيادة، فان المشكلة المالية واجواء انعدام الرغبة في المجتمع، وبعضها في الحزب، وغير ذلك لن يكون لها تلك النتائج التي تبعث على الشلل التي نراها اليوم، بل ويمكن تخفيفها بدرجات كذلك.

سارسل نداء هذا المركز في الاسبوع الاول من شهر كانون الثاني لجميع الرفاق كي نعلنه سوية باسرع وقت. اذا كنتم موافقين بوسعنا ان نعقد السمينار الاول لتدوين البلاتفورم وتحديد اولويات الحركة في العراق بعد مدة قصيرة.

في حديث جرى في هيئة امناء الحزب (الايراني)، توصلنا الى نتيجة مفادها انة ينبغي فوراً حل مسالة حصولكم على جواز سفر وامكانية سفرك وناسك ورفاق اخرين من المكتب السياسي. سيتحدث الرفاق كورش واسد (كولجيني) بصورة اكثر دقة بهذا الخصوص.

الحديث كثير، اني اتشوق جداً جداً للحديث اليك. انقل نيابة عني سلام حار الى الرفاق ناسك (احمد) وعبد الله (محمود) وخسرو (ساية) وسائر الرفاق هناك.

كلي امل ان احظى بسعادة الحديث اليكم جميعاً قريباً.


نادر (م. حكمت)
كانون الاول ۱۹۹۹


من ارشيف كورش مدرسي. تم نشره في "مختارات منصور حكمت، الملحق الاول، اصدار الحزب الشيوعي العمالي الايراني-الحكمتي، حزيران ۲۰۰۶ ، ص ۳۶۹-۳۷۱". تمت الترجمة عنه.


ترجمة: فارس محمود
hekmat.public-archive.net #3926ar.html