Status             Fa   Ar   Tu   Ku   En   De   Sv   It   Fr   Sp  

حقوق الطفل

منصور حكمت في مقابلة مع نشرة داروك


سوسن بهار: مرحباً بك وشكراً لك على قبول دعوة "داروك" لإجراء هذه المقابلة.

منصور حكمت: أشكر لكم دعوتكم كثيراً، وقبل كل شيء أتمنى الموفقية لكل قراء جريدتكم الجيدة وذات القراء، "داروك".

سؤال: خصّصتم في "عالم أفضل"، برنامج الحزب الشيوعي العمالي، جزءاً لحقوق الأطفال. هل بوسعكم أن توضحوا لنا مبرر هذا الأمر؟

منصور حكمت: الأطفال والفتية هم أكثر أقسام المجتمع حرماناً وانعدام حقوق. إنهم الضحايا الصامتين للنظام الاجتماعي المليء بالقسر واللامساواة. في الكثير من المجتمعات، وحتى في الكثير من تلك التي في أوروبا الغربية والمسماة بالمتمدنة، وحتى في تلك الأماكن التي يتمتع الاطفال بحقوق لايمكن نقضها وليس بوسع الوالدين والعائلة والمدرسة واجمالاً عالم الكبار ان يقوم بما شاء تجاههم، فان وضعهم لا يمكن القبول به. في قسم واسع من العالم، يُدفع الاطفال من أعمار صغيرة جداً للعمل، ويتعرضون الى الاستغلال بألف طريقة وطريقة. هذا، ورغم وجود قوانين تحول دون هذه الاعمال الكريهة، يتعرض الاطفال في البيت والمدرسة الى القسر والأذى. تأملوا ان ضرب الاطفال وإرعابهم وتجويعهم وحبسهم ذات رواج في اوروبا الغربية نفسها بوصفها أساليب تربية، وتعتبر الكثير من المدارس والوالدين ان استخدام العنف بحق الأطفال هو من حقهم المسلم به. من هذه الزاوية، لا يختلف الطفل عن الجماهير المحرومة. ينبغي السعي لتحررهم. ليس بوسع اي حزب سياسي يعتبر نفسه نصيراً للحرية والحق والعدالة ان لا يناضل بصورة واضحة جداً وجدية من اجل حقوق الطفل. أعتقد شخصياً انه يمكن معرفة وتشخيص تحررية اي طرف، سواء أكان فرد أم حزب أم دولة، وقبل اي شيء آخر، من تعامله مع الأطفال.

سؤال: هل تضعون نصب أعينكم ان هذه الحقوق هي شاملة لجميع الاطفال في العالم.

منصور حكمت: بالتأكيد، ودون أي قيد وشرط أو ملاحظة واستثناء. ان ما دونّاه في برنامجنا من مطالب فورية تمثل الحد الادنى بالنسبة لنا. ينبغي القيام بكثير من الاعمال من أجل نيل الاطفال حقوقهم وتمتعهم بحياة فرحة وخلاقة.

سؤال: كي يحقق الأطفال هذه الحقوق، ما هي الأعمال التي بالوسع وينبغي القيام بها؟

منصور حكمت: ان هذا سؤال صعب. ينبغي القيام بأعمال كثيرة لهذا. من الواضح ان مجمل النظام الاجتماعي والاقتصادي الراهن للعالم يستند إلى تحقيق ربحية لصالح قلة قليلة، وهو جذر وأساس انعدام الحقوق وحرمان الجماهير، ومن بينهم الأطفال. ينبغي تغيير هذا النظام وإرساء عالم أفضل محله. حسناً، ان أولئك المنتفعين من هذا النظام لا يسمحوا بالقيام بهذا العمل عبر الكلام اللطيف. لديهم دولة وحكومة وكنائس وجوامع وسجون وتلفاز وقساوسة وملالي يمنعون سبيل تحرر الأطفال وحريتهم. ينبغي إزاحة كل هؤلاء وإلحاق الهزيمة بهم. انه نضال ينهمك به يومياً أناس جيدون وشرفاء في العالم. بيد ان لحرمانات الاطفال اسباب أخرى كذلك. ان أحد أهم الاسباب هو انعدام وعي وتخلف وعصبيات الوالدين والعوائل والكبار الذين من المقرر أن يكونوا محبي الاطفال وحماتهم. في بعض الأماكن، وحتى حين تكون الدولة قد اقرت بعض الحقوق للأطفال، تحرم تعصباتهم الدينية وافكارهم التقليدية الأطفال من حقوقهم. ولهذا السبب، ومن أجل نيل الأطفال لحقوقهم، ينبغي النضال ضد اشكال التخلف والتعصبات تلك.

سؤال: يعارض البعض بشدة مشاركة الأطفال في الحملات النضالية من أجل حقوق الأطفال. ولكن، مثلما تعلمون، ان الواقع المُر لعمل الأطفال وألاف المشاكل الأخرى قد دفعت عملياً قسم كبير منهم لهذا النضال. ما هو رأيكم بهذا الصدد، وما هي توصياتكم؟

منصور حكمت: الأطفال هم ضحية الظلم وانعدام الحقوق والاستغلال، وهُم مثل ملايين الأطفال الذي يكدّون بأجور زهيدة جداً وظروف في غاية الشقاء أو الفتيات في العوائل الإسلامية المتشددة اللواتي تم سلبهن حياة طبيعية وعادية، عليهم أن يحتجّوا وهم يحتجّون دون شك. ولكن برأيي ان هذا يختلف كلياً عن جر الأطفال في بلدان مثل السويد إلى اجتماعات سياسية وإضرابات وتظاهرات. إني أعترض جداً على الثاني. برايي، يجب على الوالدين والمدرسة والكبار ان لا يجرّوا الاطفال، وهم في أعمار صغيرة، لنشاطهم السياسي والحزبي واجتماعاتهم. ان هذا، وبغض النظر عن الخط السياسي للأم والاب هو شكل من غسيل دماغ. قد يرى البعض إعطاء الاب أو الام مثلاً في التظاهرات صورة ماركس ولينين أو نلسون مانديلا أو اقبال مسيح لأطفالهم كي يرفعوها على انه عمل تقدمي جداً. ولكن هؤلاء الاطفال الذين تحت تأثر الوالدين ومن هم أكبر منهم، ودون أية استقلالية في الفكر، هم بذات الدرجة من أقرانهم الذين يحملون الصليب المعقوف أو الذين أُلصق على جبينهم "لا إله الا الله"، وتقبل ان الثاني يبعث على الأسف جدياً. (اي كل هذه الاعمال مدانة وليست الثانية فقط-م). اني أعارض جر الاطفال للحركات السياسية والدينية. رفض برنامج حزبنا بصورة صريحة جلب الاطفال الى مثل هكذا اجتماعات وتجمعات دينية. ان الوالدين الذين ينشدون تربية ابنائهم وبناتهم بصورة حرة ومتحررة ، ينبغي عليهم ان يمنحوهم أداة مستقلة للتفكير، وينبغي ان يوفروا أجواء حرة وتحفز على حرية التفكير، عليهم ان ينتقدوا الأفكار الخرافية والمعتقدات التقليدية وضغط غسيل الأدمغة الذي يقوم به النظام التعليمي ووسائل الإعلام، ينتقدوها في حياتهم العملية أمامهم، أي الاطفال، وفي الوقت ذاته، يطلبوا منهم أن يفكروا، وينظروا للأشياء ويتمعنوا بها ويسألوا وأن لا يستعجلوا في اطلاق حكمهم الأخير. ثمة مسألة أخرى هنا أيضاً الا وهي ان تبيان وكشف مجمل حلكة العالم ومجمل ظلمه ومآسيه وبلادته للأطفال ليس عملاً صحيحاً. لا ينبغي تخريب وتدمير عالم التفاؤل والأمل عند الاطفال. إذ ينتهي بالطفل "السياسي كثيراً"، برأيي، وباحتمال قوي، لبالغ غير مبالي. ان ركناً للسعي المتواصل للبشر من أجل تغيير العالم هو الدخول المستمر لأجيال جديدة للعالم تكون فيه اللامساواة والتخلف بالنسبة لهم أمراً يهز ابدانهم ولا يقبلوا به. أي لطف بأن نجعل الأطفال تعتاد مسبقاً على هذا التصوير البائس؟

سؤال: حددت معاهدة حقوق الطفل سن الطفولة بال ۱۸ عام، واعتبرت العمل المهني للأطفال أقل من ۱۸ عاماً غير مسموح به، في وقت حدد برنامج الحزب هذا العمر بـ ۱۶ عاماً. برأيي ان ۱۶ عاماً يُسهل دون شك في دخول الاطفال وتدخلهم في الحياة الاجتماعية والانتخابات و...الخ، ولكن، من ناحية أخرى، وبناءاً على رأي الكثير من الأطباء والمتخصصين، فان القدرات الجسدية للعمل الحرفي تكتمل في العام الثامن عشر. ما هو رايكم بهذا الصدد؟

منصور حكمت: برأيي ان ۱۶ عاماً بالنسبة للعالم المعاصر هو أنسب. ان الشاب في ۱۶ عام اليوم يتمتع بكم هائل جداً من الفكر والمعلومات والاخبار مقارنة بشاب في ۱۸ من العمر قبل عقدين. في الميدان التعليمي هو أكثر نشاطاً وفاعلية ومنهمك اكثر وذو رأي اكثر. من الواضح ان مهنة وساعات عمل شاب ذو ۱۶ عاماً او حتى شاب ذو ۱۸ عام، ينبغي ان يناسبا سماته البدنية. ولكن يبدو اليوم ان حق دخول الجامعة نفسه وعالم السياسة والنشاط الاقتصادي معقولاً أكثر في عمر ۱۶.


نشرة داروك، العدد ۵، السنة الثانية- تشرين الثاني ۱۹۹۸.

ترجمة: فارس محمود


Arabic translation: Faris Mahmood
hekmat.public-archive.net #3842ar.html