الإنتخابات البولندية
لقد كان سقوط فالسا في إنتخابات رئاسة الجمهورية في بولندا وإنتخابات الكسندر كواسينوفسكي واحداً من الرموز والعلاقات البارزة لنهاية مرحلة. فالمرحلة التي أطلقت عليها الآلة الدعائية الرأسمالية الغربية تسمية مرحلة سقوط الشيوعية، لم تستمر سوى ستة أعوامٍ فقط.
وراحت وسائل الإعلام الغربية بطمأنة نفسها بأن كواسينوفسكي وحزبه، إئتلاف اليسار الديمقراطي الذي يمسك بالسلطة في بولندا منذ عام ١٩٩٣، لايمثلون العودة الى الماضي، وهم يؤيدون توسيع السوق الحرة، والعلاقات الوثيقة مع الغرب والعضوية في حلف ناتو والإتحاد الأوروبي. تطمأن نفسها بالقول أن هزيمة فالسا، هي هزيمة طراز معين من الأخلاق السياسية الفاسدة والإستبداد الفردي التي يصاب بها "أبطال الإنتصارات الديمقراطية" في حال وصولهم الى السلطة خصوصاً إذا لم يكونوا قد إنحدرو من الطبقات المتعلمة. ويبدوا أن أياً من المدعوين المعربدين الى المراسم الصاخبة لإفتتاح عصر الديمقراطية والسوق الحرة في السنوات القليلة الماضية، ليس لديه الرغبة الكافية للمشاركة في مراسم النهاية.
وليس هناك من شك أن لا نظام الكتلة الشرقية السابق لديه علامة من الشيوعية ولا كواسينوفسكي حضر الميدان رافعاً راية الشيوعية أو حتى منادياً بإعادة الماضي. ويمكن لكل علامات طمأنة النفس لدى الغرب بخصوص الرئيس الجديد أن تكون في محلّها. إلاّ أن أهمية نتيجة الإنتخابات البولندية لاتكمن في التغييرات التي تطال الحكومة والسياسة الرسمية لهذا البلدن بل في دلالاتها عن أفكار وتوجهات جماهير أوروبا الشرقية. وليس ما كسب الأصوات، بل ما لم يكسب الأصوات هو الجوهر الحقيقي للإنتخابات البولندية. لقد هزم فالسا على الرغم من المساندة الموحدة له من قبل الدول ووسائل الإعلام الغربية وعلى الرغم من الدفاع الهستيري للكنيسة عنه بوصفه مرشح الله والمسيحية في حرب المواجهة مع الشيوعية والكفر. وقد شكلت بولندا الدليل الواضح لحقيقة أن الجماهير، ليس فقط في بولندا، قد القت بمرحلة خداع ستة أعوام خلف ظهرها.
منصور حكمت
نشر هذا المقال كعمود أول في صحيفة انترناسيونال صحيفة الحزب الشيوعي العمالي الايراني في العدد ١٩ الصادر في شهر كانون الأول من عام ١٩٩٥.
ترجمة: يوسف محمد
hekmat.public-archive.net #0870ar.html
|