Status             Fa   Ar   Tu   Ku   En   De   Sv   It   Fr   Sp  

العمود الأول

الإستفتاء الروسي


ليس صعباً توقع نتائج الإستفتاء حول الدستور وإنتخابات البرلمان الروسي (الدوما)، وبالطبع فيما لو رغب عدد كافي من الناس في التصويت. فمنفذ البرنامج والطرف الأساسي في هذه الإنتخابات بوريس يلتسين وطيف المدافعين عن "العلاج بالصدمات" المقترح من قبل صندوق النقد الدولي والبنك العالمي. انه يلتسين الذي إنتهى لتوه من إبادة معارضيه جماعياً في البرلمان. ان الغرب الذي هو، من منظار المواطنين الفقراء والمحرومين الروس، لاعباً أصلياً بإمكانه أن يكون مؤسساً للإستقرار الإقتصادي وإعادة الحياة العادية وأيضاً بإمكانه إشعال فتيل الحرب الداخلية في روسيا. ان هذا الغرب أعلن بصراحة أنه لايرضى إلاّ بصعود تيار يلتسين- غايدار الى السلطة ولا يقبل إلاّ بمثل هذا الإختيار من جماهير روسيا كتذكرة عبور الى العالم التمدن والديمقراطية. والجماهير في روسيا لا هي مجانين ولا هي حمقى. إنها تشعر بفوهات الأسلحة الموجهة لجماجم الشعب. ومن غير شك أن مراسم تشريف "أول إنتخابات ديمقراطية روسية بعد سقوط الشيوعية" التي تكفلوا بها بهذا الشكل سيقومون بإيصالها الى نتيجتها الطبيعية.

وليس مشكلة معارضي يلتسين منع نشاطهم الدعائي وعدم المساواة في الإستفادة من القنوات التلفزيونية، بل إنها تكمن في أن إنقلاب يلتسين الدموي وهلهلة الغرب ذكّر جماهير روسيا بالثمن المدفوع سلفاً للإختيار"الخطأ". وفي غياب بديل سياسي وإقتصادي عمالي وطليعي، ستكون إنتخابات جماهير روسيا مثل أية إنتخابات في عالم الديمقراطية المعاصر،إنتخاباً بسبب الخوف واليأس والإضطرار.

إن تركيبة الأجنحة الأساسية لاتبقي مجالاً أمام شيءٍ يذكر. فإحياء المكانة العظمى لروسيا "كما يقول القوميين" أو بعث الإتحاد السوفيتي" كما تقول الأحزاب التي ورثت الحزب الشيوعي للإتحاد السوفيتي"، هي الوجوه المشتركة التي بلورها الإئتلاف المسمى بـ"القوميين- الشيوعيين" إزاء الديمقراطيين "جناح يلتسين". إلاّ أن هذا الإئتلاف هو نسخة لنفس التركيبة القومية الإصلاحية التي دفعت بصعود ستالين في نهاية عقد العشرينات بالثورة العمالية نحو الهزيمة وبنت الإتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية. والإختلاف هنا هو أن الإئتلاف الحالي، وبإنهيار النموذج السوفيتي، لايمتلك حتى أفقاً إقتصادياً مختلفاً. ففي روسيا المعاصرة يؤيد الجميع "الإصلاح" (أي الإقتصاد الخاص وسلطة السوق). وتنبع الحرب حول الإستراتيجيات المختلفة من قبل الشرائح المختلفة للطبقة الحاكمة من هذا المسار. وإذا ما خاض يلتسين، وبمساندة البرجوازية العالمية، غمار التصعيد في الصراع الطبقي في روسيا وحسم أمره العاجل مع الطبقة العاملة، سيوصي معارضوه في الأحزاب شبه الإشتراكية، ببلورة مساومة طبقية جديدة، وهذه المرة في صالح رأسمالية السوق التي تحفظ في نفس الوقت مكانتهم في سلسلة مراتب السلطة السياسية والإقتصادية.

وستؤدي تحذيرات يلتسين للناتو ونجاحه في إعادة الجمهوريات الهاربة من أحضان الكونفدرالية عاجلاً أو آجلا الى إنفصال دعاة القيصرية عن الكتلة" القومية- الشيوعية" وتحولها نحو جناح الديمقراطيين. إلأ أن فصل الطبقة العاملة وجماهير روسيا الكادحة عن كل هؤلاء، هو وظيفة ومهمة الشيوعية العمالية. وعلى الرغم من كافة الضغوطات الإقتصادية والقمع السياسي، وعلى الرغم من الضجة المعادية للشيوعية التي يروج لها الديمقراطيون في روسيا، وبسبب وجود صراع سياسي حاد والآثار العميقة لثورة أكتوبر العمالية في الوعي الذاتي للطبقة العاملة الروسية، فإن هذا البلد أكثر الميادين إستعداداً لتنامي الحركة الشيوعية العمالية.


منصور حكمت


نشر هذا المقال في العمود الأول من صحيفة إنترناسيونال صحيفة الحزب الشيوعي العمالي الايراني في عددها العاشر الصادر في كانون الأول من عام ١٩٩٣.


ترجمة: يوسف محمد
hekmat.public-archive.net #0680ar.html